نعم، إذا كان الباذل غير موثوق به لا يعتد بكلامه يمكن أن يقال بعدم تحقق البذل بمجرد وعده، أما إذا كان موثوقاً به جاداً في قوله فالبذل يتحقق بوعده و يجب على المبذول له الحج، و دفع المال المبذول به بخصوص دفع هذا أو هذا دفع لأحد أفراد ما حصل به الاستطاعة و المال الكلي الذي يكفي للحج، و لا يكشف دفعه المال المغصوب جاهلًا به عن كونه راجعاً عن وعده، كما لا يكون كاشفاً عن عدم استطاعته.
و بذلك كله يمكن ردّ ما أفاده غير واحد من الأعلام من أن البذل الموجب للاستطاعة لا يتحقق إلا بالبذل و الإعطاء الخارجي، فما دام لم يتحقق ذلك لم يتحقق الاستطاعة.
و الجواب: أنّ الحاكم في ذلك العرف، و هو حاكم بكون العرض بالمال الكلي عرضاً و بذلًا للحج موجباً للاستطاعة و وجوب الحج.
ثمّ إنّ هنا قد وقع البحث في ضمان هذا المال الذي أتلفه المبذول له، فلا ريب أنه يجوز للمالك الرجوع إلى الباذل و المبذول له؛ لقاعدة اليد، و لخصوص من أتلف للرجوع إلى المبذول له، و أما رجوع المبذول له إلى الباذل إن رجع المالك إليه فهو لقاعدة التسبيب، و كون السبب أقوى من المباشر، فإنّ الباذل ببذله اضطرّ المبذول له إلى تفويت مال الغير ببذله له فهو ضامن له، كما لا يخفى.
[مسألة 74] إيجار النفس للخدمة في طريق الحج
مسألة 74- قال في العروة: (لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأُجرة يصير بها مستطيعاً وجب عليه الحج، و لا ينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير؛ لأن الواجب عليه في حج نفسه أفعال الحج، و قطع الطريق