أقول: كل ما اختاره في هذا الفرع مبني على الاستطاعة الشرعية و أن المانع الشرعي كالمانع العقلي، إلّا أنّنا لم نفهم الفرق بين ما إذا حصلت الاستطاعة بعد ما كان عليه واجب مطلق فوري و بعد حصول الاستطاعة أولًا، ثمّ حصول واجب كذلك؛ لأنه إن كان واجب آخر مانعاً من حصول الاستطاعة فلما ذا لا يمنع بعدها؟
فإن الاستطاعة شرط للوجوب حدوثاً و بقاءً، و إن كان لا يمنع ففي الصورتين تكون المسألة من باب التزاحم، فلا فرق بين حصول العذر الشرعي قبل الاستطاعة أو بعدها.
و على أيِّ حالٍ فعلى ما اخترناه المسألة من باب التزاحم، فيقدّم الأهمّ منهما في الصورتين.
[مسألة 56] الاستطاعة البذلية
مسألة 56- إذا لم يكن للشخص ما يحج به و لكن عرض عليه الحج فقيل له: «حج و عليَّ نفقتك و نفقة عيالك» أو قيل له: «حج بهذا المال» و كان المال كافياً له للحج ذهاباً و إياباً و لنفقة عياله فالكلام في المسألة يقع ضمن امور:
الأول: الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في حصول الاستطاعة و وجوب الحج بالبذل.
قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف: (إذا بذل له الاستطاعة لزمه فرض الحج.
و للشافعي فيه وجهان: أحدهما مثل ما قلناه، و الثاني و هو الذي يختارونه أنه لا يلزمه. دليلنا: إجماع الفرقة، و الأخبار الواردة في هذا المعنى، و أيضاً قوله تعالى: