موجود و المانع مفقود اما الأول فلما عرفت
من ان فرض الكلام ليس الا فيما يكون المقتضى موجوداً و اما الثاني فلان المانع ليس
الا ما تخيله الخصم من لزوم اجتماع المتضادين من الحكمين و الحب و البغض و المصلحة
و المفسدة في شيء واحد و ليس كما زعمه و توضيحه يحتاج إلى مقدمة و هي ان الاعراض
على ثلاثة أقسام (منها) ما يكون عروضه و اتصاف المحل به في الخارج كالحرارة
العارضة للنار و البرودة العارضة للماء و أمثالهما من الاعراض القائمة بالمحال في
الخارج و منها [1] ما يكون عروضه في الذهن و اتصاف المحل به في الخارج كالأبوة و
البنوة و الفوقية و التحتية و أمثالها (و منها) ما يكون عروضه في الذهن و اتصاف
المحل به فيه أيضاً كالكلية العارضة للإنسان حيث ان الإنسان لا يصير متصفا بالكلية
في الخارج قطعا فالعروض في الذهن لأن الكلية انما تنتزع من الماهية المتصورة في
الذهن و اتصاف الماهية بها أيضاً فيه لأنها لا تقبل الكلية في الخارج فنقول حينئذٍ
لا إشكال في ان عروض الطلب سواء كان امرا أم نهياً لمتعلقه ليس من قبيل الأول و
إلا لزم ان لا يتعلق الا بعد وجود متعلقه كما ان الحرارة و البرودة لا تتحققان الا
بعد تحقق النار
______________________________
[1] قولنا و منها ما يكون عروضه في الذهن) هذا القسم على حسب تسليم
ما قرره أهل المعقول و الا فما ذكره لا يخلو من إشكال من جهة ان الأبوة و البنوة و
الفوقية و التحية و أمثال ذلك أمور خارجية لها نفس أمرية وراء عالم الخيال و لها
الصدق و الكذب باعتبار المطابقة للواقع و عدمها و ح فان أراد أهل المعقول بعدم
وجود هذه الأمور في الخارج عدم وجودها بحد مستقل كالجواهر فهو من البديهيات و لكن لا
يلزم ان يكون كلما له نفس أمرية في الخارج من هذا القبيل و ان أرادوا سلب الوجود
عنها في الخارج رأسا و حصره في الذهن و عالم الخيال فيمكن دعوى القطع بخلافه للفرق
الواضح بين هذه الأمور و بين ما يتخيله الإنسان مما لا واقع له و ان كان له منشأ
خارجي (منه).