و هذا أيضا نحو من الوضع التعييني (33) فانك لو أردت تسمية ابنك زيدا، فتارة تصرح بأني جعلت اسم هذا زيدا، و أخرى تطلق هذا اللفظ عليه بحيث يفهم بالقرينة أنك تريد ان يكون هذا اللفظ اسما له. و هذا القسم من الوضع التعييني ليس بمستبعد في الشرع.
و قد يستدل ببعض الآيات من قبيل قوله تعالى: (و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا)[1]و قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)[2]و قوله تعالى: (و اذن في الناس بالحج)[3]على كون هذه الألفاظ حقائق لغوية لا شرعية.
تقريب الاستدلال ان هذه الآيات تدل على وجود معاني هذه الألفاظ في الشرائع السابقة و يثبت وضع هذه الألفاظ لها فيها بضم مقدمة أخرى، و هي ان العرب المتدينين بتلك الأديان لما سمعوا هذه الآيات فلا يخلو اما انهم ما فهموا منها هذه المعاني المعروفة أو فهموها بمعونة القرائن (33) (الحقيقة الشرعية) و كون الاستعمال صحيحا حقيقيا موقوف على كون الوضع عبارة عن مجرد التعهد في النّفس، و كون اللفظ كاشفا عنه، لا عبارة عن المنتزع عن مرتبة إظهار التعهد كما ذكره- (دام ظله)- في حاشية منه.