وجوب البناء على طبق الحالة السابقة، بل يمكن هذا التوهم فيه حتى بناء على اعتباره من باب الظّن، فيسري الإشكال في جل مسائل الأصول: كحجية الخبر و الشهرة و ظاهر الكتاب و ما أشبه ذلك، بناء على أن الحجية ليست إلّا وجوب العمل بالمؤدى.
و توضيح الإشكال: ان الفقه على ما عرّفوه هو: «العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية» و موضوعه: «أفعال المكلفين» و الاستصحاب حقيقته ليس إلّا وجوب العمل على طبق الحالة السابقة، و هو حكم فرعي موضوعه عمل المكلف، و كذلك كل ما يبحث فيه عن الحجية، لأن الحجية ليست إلّا وجوب العمل بمؤدى الحجة.
و حاصل الجواب: ان المستنبط في المسائل الفقهية هي الأحكام التي تطلب نفسها للعمل، و ليس وراءها أحكام كلية أخر يستكشف حالها منها.
لكن لا يخفى أن ذلك الفارق أيضا لا يتم، لأن قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» و «كل ما يصح بيعه تصح إجارته» و أمثال ذلك قواعد كلية، و لا يبحث فيها لمطلوبية نفسها بل لاستكشاف أحكام كلية أخر، مثل: «كل بيع يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و «كل هبة لا يضمن بصحيحها لا يضمن بفاسدها» و «كل مجهول لا يصح بيعه مثلا لا تصح إجارته».
و قد أجيب عنه: بأن الظاهر من لفظ الاستنباط مغايرة المستنبط مع المستنبط منه ذاتا، و في مثل تلك القضايا لا مغايرة بينهما الا بالإجمال و التفصيل، كما مرّ في الحاشية الراجعة إلى الأصول العملية فراجع.
لكن فيه: ان الالتزام بذلك يستلزم خروج مثل البحث عن «مقدمة الواجب» و البحث عن «كل ما حكم به العقل حكم به الشرع» و أمثال ذلك، عن مسائل الأصول فان الكليات المستكشفة من تلك القواعد لا مغايرة ذاتية بينها و بين