الإظهار و الكشف (65) دون الإرادة المجردة، فهما متغايران مفهوما و ان اتحدا ذاتا، فهو كلام معقول، و لكن لا ينبغي أن يذكر في عداد المسائل العقلية، فان انتزاع مفهوم آخر من مرتبة ظهور الإرادة مما لا ينكر، كما أشرنا إليه سابقا، فالكلام المذكور يرجع إلى دعوى ان لفظ الطلب موضوع الإطاعة، سواء نشأت من العلم بالنفع في المراد أو من العلم بالمصلحة في إيجاد تلك الحالة.
نعم لو علم بأنها نشأت من داعي التهديد و التعجيز و السخرية و أمثال ذلك، لم تكن منشأ لوجوب الإطاعة، و كذلك إنشاء البيع قد يكون بداعي الجد فيترتب عليه الأثر، و قد يكون صوريا فلا يترتب عليه أثر.
(65) بمعنى أن الموجود في النّفس ليس إلّا الإرادة و مبادئها المعروفة، لكن لفظ الطلب وضع للإرادة المظهرة، فيكون الطلب و الإرادة من قبيل المطلق و المقيد. و لا إشكال في إمكان النزاع هكذا، إذ لا إشكال في صيرورة الإرادة بعد استعمال الهيئة فيها معنونة بعنوان المظهرية، و اللفظ بعنوان المظهريّة، و الاستعمال بعنوان الإظهار، مع عدم كونها معنونة بالعناوين المذكورة قبل الوضع و الاستعمال، فيدعي أحد أنهما موضوعان لصفة واحدة، بلا تقيّد بشيء، و الآخر بأن الطلب وضع لها مقيدة بظهورها، بخلاف الإرادة فانها وضعت لها من دون قيد فيصير النزاع لفظيا.
و يمكن أن يكون النزاع معنويا مع التصديق بعدم صفة في النّفس غير الصفات المعروفة، بأن يقال: هل يمكن إيجاد مفهوم ابتداء باللفظ و لو كان من مقولة الاعتبار- كما ادعاه المحقق الخراسانيّ- أم لا؟ و ليس شأن اللفظ الا الإظهار،- كما فصّلناه في مقامه- فراجع، فالقائل بإمكان ذلك يلتزم بتعددهما، و كون معنى الطّلب ذلك المفهوم الاعتباري، بمعنى أن الجامع بين المفاهيم الاعتبارية شيء غير الصفة النفسانيّة، و يجعلها موضوعا له للطلب، و لا وجه لجعله مفهوما اعتباريا لشيء آخر، كما جعله المحقق الخراسانيّ (ره). و أورد عليه الأستاذ- (دام ظله)- و أوضح برهانه، و القائل بعدم إمكان الإيجاد المذكور يجعل الموضوع له فيهما شيئا واحدا و هي الصفة النفسانيّة.