و تقريب الاستدلال ان السائل لم يرد بقوله الفأرة أهون علي (إلخ) أكل الفأرة مع السمن أو الزيت، بل أراد أكل السمن أو الزيت الملاقي لها، فقول الإمام عليه السلام- في مقام التعريض له ان اللَّه حرم الميتة من كل شيء- يدل على ان نجاسة الملاقي للميتة هي عين نجاسة الميتة، و حرمته عين حرمتها، فأكل الملاقي للميتة ينافي الاجتناب عنها. (و بعبارة أخرى) علل الإمام عليه السلام حرمة الملاقي بحرمة الميتة، فيدل على اتحادهما.
و فيه ما تقدم من ان نجاسة الملاقي بالكسر حاصلة من نجاسة الملاقى بالفتح حصول المعلول من العلة، لا انها عينها، و لذا لا تجري عليها أحكامها على ما تقدم بيانه.
و اما الاستدلال بالخبر ففيه (أولا)- ان الخبر ضعيف بعمرو بن شمر، فلا يصح التمسك به. و (ثانيا)- انه لا دلالة للخبر على ان نجاسة الملاقي عين نجاسة الملاقى بنحو السراية الحقيقية، كيف و الخبر غير ناظر إلى هذه الجهة، فان السائل استبعد كون الفأرة مع صغرها موجبة النجاسة ما في الخابية من السمن و الزيت، على ما يظهر من كلامه: (الفأرة أهون علي). فرد عليه الإمام عليه السلام بأن اللَّه حرم الميتة من كل شيء، أي لا فرق بين الكبير و الصغير. فغاية ما يستفاد من الخبر ان نجاسة الشيء الموجبة لحرمته مستلزمة لنجاسة ملاقيه و حرمته، و ليس في ذلك دلالة على ان نجاسة الملاقي بالكسر عين نجاسة الملاقى بالفتح، و حرمته هي عين حرمته.
(الوجه الثاني)- انه بعد العلم بالملاقاة يحدث علم إجمالي آخر بوجود نجس بين الملاقي و الطرف الآخر و هذا العلم الإجمالي مما لا مجال لإنكاره بعد فرض الملازمة بين نجاسة الشيء و نجاسة ملاقيه واقعا. و من ثم لو فرض انعدام الملاقى بالفتح كان العلم بالنجاسة المرددة بين الملاقي و الطرف الآخر موجودا، فهذا