بالمبادئ الغير الاختيارية لا أقلّ من عدم الإرادة الأزلية.
و ذلك فإنّ الأفعال ليست مستندة الى الإرادة أصلا بل الى الاختيار كما حققناه.
[نصيحة نافعة من سيّدنا الاستاذ في عدم الغور في بعض المسائل]
و اعلم [1]- رحمك اللّه- أيها الأخ العزيز أنّ التكلم في كل مسألة يحتاج الى بصيرة فيها، مثلا الصانع إذا صنع سريرا فليس لغير الصانع أن يتكلّم في أطراف هذا السرير و يقول إنّ الصانع كيف صنعه؟ و كيف يستعمله؟ و يتكلّم في كمّيته و كيفيّته إلّا أن يكون هو أيضا من أهل تلك الصنعة و بصيرا بما هو مادة أصلية للسرير.
فما نحن فيه- أعني مسألة الطلب و الإرادة المتعلقين بذات الباري تعالى، بل مطلق صفاته الكمالية و الجلالية و التكلم فيها كيفا و كمّا للمخلوق الفقير المحتاج بتمام ذاته و صفاته الى اللّه الغنيّ بالذات الغير المحتاج على الإطلاق بكلّ وجه يتصوّر بل فوق ما يتصوّر- من هذا القبيل فعليك بالوقوف فيما لا تعلم و عدم الغور في الشبهات، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات كما ورد عنهم (عليهم السّلام) [2].
[لا دخل لمسألة الطلب و الإرادة في مفهوم الأمر]
إذا عرفت ما تلوناه عليك مفصّلا و بيّناه علمت أن مسألة الطلب و الإرادة لا دخل لها بما نحن بصدده، أعني مفهوم الطلب.
فالحقّ أنه حقيقة في الإنشاء اللفظي المتحقق بالإنشاء عند اعتبار المنشي بأيّ لفظ كان كقوله: آمرك، و افعل، و أطلب منك، و غيرها من الألفاظ الدالّة على الطلب.
و هو على قسمين: إيجابيّ، و ندبيّ.
[1] هذا الكلام الشريف أورده سيدنا الاستاذ الأكبر بعنوان النصيحة و الموعظة في عدم التكلّف في أمثال هذه الامور.
[2] راجع الوسائل: باب 12 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 112.