ببقاء التلبّس به، و هو مفهوم واحد يعمّ المتلبّس و المنقضي عنه بحيثية حدوث التلبّس بالمبدإ، غير مشترط فيه بقاؤه، فلا ينحصر تصوير الجامع بتصوّر جامع بين حيثية الوجدان و الفقدان حتى نضطرّ الى انكاره.
و بالجملة: فمفهوم المشتقّ أمر واحد على كلا المبنيين، و حديث البساطة و التركيب أيضا أمر يجري على كليهما، فما اعتبرناه تحليلا للمفهوم البسيط يراه القائل بالتركيب مفهوما أوّليّا له. و كيف كان فلا يرد إشكال أصلا. هذا.
و بعد ذلك نقول: قد استدلّ لهذا القول أيضا بالتبادر، و عدم صحّة سلب المشتقّ بما له من المعنى الارتكازيّ عمّا انقضى عنه المبدأ، و هما كافيان لإثبات المدّعى اذا صدّقناهما أو أحدهما، إلّا أنّ الكلام كلّه في هذا التصديق، و قد عرفت البحث عنه، فلا نعيد.
و يستدلّ له أيضا باستدلال الإمام (عليه السّلام) تأسيا بالنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)- كما في غير واحد من الاخبار [1]- بقوله تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا زمنا لمنصب الإمامة تعريضا بمن تصدّى لها و قد عبد الصنم قبلا مدّة مديدة.
ففي خبر هشام بن سالم قال: «قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): الأنبياء و المرسلون على أربع طبقات ... الى أن قال في عدّ الطبقة الرابعة: ... و الّذي يرى في نومه و يسمع الصوت و يعاين في اليقظة، و هو إمام، مثل اولي العزم، و قد كان إبراهيم (عليه السّلام) نبيّا و ليس بإمام، حتّى قال اللّه: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال اللّه: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما» [2].
و عن كتاب ابن المغازليّ الشافعي بإسناد يرفعه الى عبد اللّه بن مسعود قال:
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «أنا دعوة أبي إبراهيم، قلت: يا رسول اللّه، و كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ الى إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ