الجوامد لم توضع لخصوص معنى، و إنّما كانت قيدا للمادة المتهيّئة به؛ فالمادة بهذه الهيئة وضعت لمعنى المصدر أو اسمه كما في الرجل و غيره من الجوامد.
ثمّ إنّ ما ادّعى في الكفاية كونه ضروريا من «أنّ المصادر المزيد فيها كالمجرّدة في الدلالة على ما يتّصف به الذوات و يقوم بها» [1] خلاف التحقيق كما هو واضح عند أهله، فإنّ المصادر تدلّ على الاتّصاف بهذه الصفات لا على نفس الصفات، فالقتل هو إيجاد ذلك المعنى الخاصّ، و الانكسار هو قبول الصفة الخاصّة، و ما يدل على نفس هذه الصفات من دون دلالة على نسبتها الى شيء و لا اتّصاف شيء بها إنّما هو أسماء المصادر، فمفادها نفس هذه الصفات منتفيا عنها جميع أنحاء النسب، و منه تعرف أنّ معنى اسم المصدر ليس يوجد في جميع المشتقّات؛ لتقوّمه بانتفاء أنحاء النسب عنه دونها، كما لا يخفى.
إزاحة شبهة: لا ريب في عدم دلالة الأفعال- لا بهيئتها و لا بمادتها- على الزمان، بحيث يكون جزءا من معناها، خلاف ما اشتهر على ألسنة النحاة، بل هيئة الأمر إنّما تدلّ على البعث، و هيئة النهي تدلّ على الزجر عن إتيان المادة، و لا دلالة في لفظهما على الزمان أصلا، و إن كان نفس مدلوليهما- أعني البعث و الزجر الاعتباريّين- واقعة في الزمان، كسائر أفعال الفاعلين المحاطين بالزمان، بل الحقّ عراء غيرهما من الأفعال عن الدلالة على الزمان تضمّنا و لا التزاما، بدليل صحة اسنادها الى الفاعل الخارج هو و فعله عن افق الزمان، بلا حاجة الى تجريدها عن معناها الحقيقيّ أصلا.
نعم، لا ينبغي الشكّ في دلالة الفعل الماضي على الفراغ عن حدوث مبدئه، و لازمه أنّه قد وقع في ماضي الزمان في الزمانيات، و في المضارع يدلّ هيئته على أنه لم يفرغ عن حدوثه، و لا محالة يقع في زمان الحال أو الاستقبال في الزمانيات. و لعلّه هو مراد الكفاية [2]، و الأمر سهل.
الرابع: أنّ لنا مشتقّات لا ريب في صدقها حقيقة على الذات، مع أنّها لا تتلبّس