أسماء الإشارة، مثل «هذا العالم» فإنّ التبادر شاهد على وحدة المراد الاستعماليّ منه هنا، و في مثل «أكرم العالم»، و إرادة خصوص العالم المشار اليه إنما تكون من باب التطبيق، و هذا بخلافه في أصل إرادة خصوص المشار إليه أو المخاطب في كلّ إشارة و خطاب، فإنّ التبادر حاكم بأنّه المراد و المستعمل فيه في كلّ إشارة و خطاب، و عليه فلا محالة يكون الموضوع له أيضا خاصّا و الوضع تابع له، كما عرفت، فتذكّر.
فالحاصل: أنّ معاني الضمائر و أسماء الإشارة إيجادية، من حيث الدلالة على الإشارة و الخطاب، و حكائيّة من حيث الدلالة على المشار اليه و المخاطب، و المستعمل فيه لها كالموضوع له، و الوضع خاصّ. و هذا بخلاف الحروف التي معانيها حكاية، فإنّه قد عرفت أنّ الموضوع له فيها كالمستعمل فيه، و الوضع عامّ، على ما أوضحناه، فتذكّر.
و أما مثل أداة النداء و التنبيه و التحضيض و الاستفهام و نحوها ممّا لا يحكى عن أمر ثابت في محلّه فلا ينبغي الريب في أنّ مفادها الملقى باستعمالها في معناها أمور ايجادية، و إن كانت أمورا اعتبارية.
و بالجملة فمعانيها ايجادية- بشرح مر ذيل الجمل الإنشائية- إلّا أنّها مع ذلك معان كلّيّة، بمعنى أنّ الموجد بها ليس في نفسه و معناه خصوصية التعلق بالمنادى المخصوص، بل المنشأ بها مصداق النداء القابل لأن يتعلّق بكلّ من مصاديق المنادى، فاذا استعلمت لفظة «يا»- مثلا- فالمفهوم منها و الموجد بها مصداق النداء، لكنه لم يؤخذ فيه خصوصية منادى خاصّ، بل يصلح لأن يذكر بعده أيّ مصداق و منادى يراد. و هكذا في حروف التنبيه و الاستفهام و غيرهما من المعاني الإيجادية فالمستعمل فيه في الحروف الإيجادية عامّ، فضلا عن الوضع و الموضوع له، فالوضع و الموضوع له في الحروف كلّها عامّان.
و أما الموصولات فقد ظهر الكلام فيها ممّا مرّ، فإنّه إن لم يؤخذ في معناها الإشارة بحيث كان لفظة «الذي»- مثلا- مرادفة بالفارسية للفظة «كسي كه» فلا محالة كان مفادها معنى اسميا كلّيّا متضمنا لمعنى حرفيّ يوجب نقصه و إبهامه، إلّا