حتى عنّ لنا [١٦١ أ] ما يقتضي المسارعة والبدار ، إلى مدينة آق شهر [١] وشهرتها عندهم أقشار ، فوصلنا ذلك اليوم وهو الأحد ثاني الشهر آخر النهار. ونزلنا بعمارة [٢] حسين باشا بها ، وهي عمارة بلغت في المحاسن النهى ، قد كملت في صفاتها ونعوتها ، وبها مياه تجري في مسجدها وبيوتها ، وأقمنا بها بقية ذلك النهار ، ثم ليلة الاثنين ثالث الشهر إلى وقت الإسفار ، ثم رحلنا منها حين أذكت ذكاء [٣] قبتها علينا ، وسفرت فكشفت عن صحبتها إلينا ، وسرنا في ظل ظليل وزهر بليل وهواء صحيح ونسيم عليل إلى أن حان [٤] وقت المقيل ، فنزلنا بمكان يقال له سكت لي أي موضع الصّفصاف ، وأقمنا إلى أن تجاوز [٥] النهار حدّ الانتصاف ، ثم أخذنا في التحميل والترحيل ، ولم نزل بين وخد وذميل [٦] ، وإجازة ميل بعد ميل ، إلى أن وصلنا إلى قرية تلعى حين حان [٧] وقت [١٦١ ب] الأصيل ، وبدت الشمس بلون العليل ، فنزلنا بشاطىء نهرها في ظل دوح ظليل : [من الخفيف]
تحسب النهر عنده تثنى
وتخال الغصون فيه سيل
فبتنا بذلك المنزل بجانب النهر ليلة الثلاثاء رابع الشهر ، فلمّا انفجر فجر ذلك
[١] آق شهر : مدينة روميّة مشهورة ، تبعد عن قونية نحو ثلاثة أيام شمالا بغرب ، ذكر الرحالة كبريت أنّ معناها القرية البيضاء. انظر : رحلة الشتاء والصيف ١٩١ ، رحلة الخياري ١ : ٢١٧ ، صبح الأعشى ٥ : ٣٥٢ ، أخبار الدول ٣ : ٣٠٦ ، لسترانج ١٨٤ ، قاموس الأعلام ١ : ٢٦٦.