بالآجن والمشمّس، فوهنه ظاهر; فإن رفع الحدث معنى واحد
لايختلف، وكراهة استعمال بعض المياه لا يقتضي نقصاً في الرفع.
وكذا ما يقال من احتمال رجوع المبالغة في الطهور إلى عدم قبول
النجاسة; لأنّ إثبات الطهارة للماء بقول مطلق يقتضي عدم انفعاله بشيء ممّـا
يلاقيه من النجاسات، فلم يبق إلاّ التطهير.
مسلك آخر في معنى الطهور:
وهنا مسلك آخر، ذهب إليه جماعة، منهم الفاضل صاحب المدارك[1]،
وصاحب الطراز[2]،
وهو: أنّ المراد بالطهور ما يتطهّر به; فإنّه معنى ثابت معروف في
اللغة، مفيد لطهارة الماء وطهوريّته معاً، من غير إشكال ولا تجشّم
استدلال، فيحمل اللفظ عليه.
وإليه يشير قول الهروي في الغريبين:« ماءً
طهوراً، أي: يُتطهَّر به، كما يقال وَضوء للماء الذي
يُتوضَّأ به»[3].
وقال النيسابوري ـ بعد أن حكى عن الزمخشري ورود الطهور في العربيّة على
وجهين: صفة، واسم غير صفة بمعنى ما يتطهّر بهـ:
«إنّ تسليمه لذلك يرفع النزاع; لأنّ كون الماء ممّـا يتطهّر به هو
معنى كونه مطهراً لغيره، فكأنّه تعالى قال: وأنزلنا من
السماء ماءً هو آلة للطّهارة. ويلزمه أن يكون طاهراً في
نفسه»[4].
وفيه نظر; لأنّ الطهور في الآية صفة، كما هو مقتضى النعت به
، وأسماء الآلة