نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 99
تراه من الأكدار، لئلا يحصل لك الإنكار، و
إلى هذا أشار بقوله:
24- لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدّار، فإنها ما أبرزت
إلا ما هو مستحقّ وصفها، و واجب نعتها.
الاستغراب: تصيير الشيء غريبا حتى يتعجب منه، و الأكدار: كل ما يكدر
على النفس و يؤلمها، و مستحق وصفها: ما تستحق أن توصف به، و واجب نعتها: ما يجب أن
تنعت به. قال بعضهم: الوصف يكون بالأمور اللازمة، و النعت يكون بالعوارض الطارئة،
فالأمور اللازمة كالبياض و السواد و الطول و القصر، و العوارض كالمرض و الصحة و
الفرح و الحزن و غير ذلك، و المراد هنا بالأوصاف ما يتكرر وقوعه، كالموت و الأمراض
و ما يقع كثيرا، و بالنعوت ما يقل وقوعه في العادة، كالفتن و الهرج و الزلازل
لأنهم يقولون الأوصاف لوازم، و النعوت عوارض و قيل: شيء واحد[1]
و هو الأصح. قلت: من آداب العارف أن لا يستغرب شيئا من تجليات الحق، و لا يتعجب من
شيء منها كائنة ما كانت جلالية أو جمالية، فإن نزلت به نوازل قهرية أو وقعت في
هذه الدار أكدار و أغيار جلالية، فلا يستغرب وقوع ذلك، لأن تجليات هذه الدار جلّها
جلالية لأنها دار أهوال، و منزل فرقة و انتقال. و في الحديث عنه صلى اللّه عليه و
آله و سلم أنه قال في بعض خطبه: «أيها الناس إن هذه الدار دار التواء- أي هلاك- لا
دار استواء، و منزل ترح- أي حزن- لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخائها، و لم
يحزن لشقائها، ألا و إن اللّه خلق الدنيا دار بلوى و الآخرة دار عقبى، فجعل بلوى
الدنيا لثواب الآخرة سببا و ثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي و يبتلي
ليجزي، و إنها لسريعة التّوى و شيكة الانقلاب، فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة
فطامها، و اهجروا لذيذ عاجلها لكربة آجلها،