نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 72
قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت شيخي أبا
سليمان الداراني رضي اللّه تعالى عنه يقول: إذا اعتادت النفوس ترك الآثام جالت في
الملكوت، و رجعت إلى صاحبها بطرائف الحكمة من غير أن يؤدي إليها عالم علما. قال
أحمد بن حنبل: صدقت يا أحمد و صدق شيخك ما سمعت في الإسلام بحكاية أعجب إليّ من
هذه، من عمل بما علم أورثه اللّه علم ما لم يعلم، و قيل للجنيد رضي اللّه تعالى
عنه: كيف الطريق إلى التحقيق؟ قال: بتوبة تزيل الإصرار، و خوف يقطع التسويف، و
رجاء يبعث على مسالك العمل، و إهانة النفس بقربها من الأجل و بعدها من الأمل. فقيل
له: بماذا يصل إلى هذا؟ فقال: بقلب مفرد فيه توحيد مجرد انتهى. فإذا انفرد القلب
باللّه و تخلص مما سواه فهم دقائق التوحيد و غوامضه التي لا يمكن التعبير عنها، و
إنما هي رموز و إشارات لا يفهمها إلا أهلها و لا تفشى إلا لهم، و قليل ما هم و من
أفشى شيئا من أسرارها مع غير أهلها، فقد أباح دمه و تعرض لقتل نفسه كما قال أبو
مدين رضي اللّه تعالى عنه:
و
في السرّ أسرار دقاق لطيفة
تراق
دمانا جهرة لو بها بحنا
و قال آخر:
و
لي حبيب عزيز لا أبوح به
أخشى
فضيحة وجهي يوم ألقاه
و هذه الأسرار هي أسرار الذات و أنوار الصفات، التي تجلى الحق بها في
مظهر[1] الأكوان و
إلى ذلك أشار بقوله:
14- الكون كلّه ظلمة، و إنّما أناره ظهور الحقّ فيه.
الكون: ما كونته القدرة و أظهرته للعيان، و الظلمة: ضد النور و هي
عدمية و النور وجودي، و أناره أي صيره نورا، و ظهور الحق: تجليه. قلت: الكون من
حيث كونيته، و ظهور حسه كله ظلمة لأنه حجاب لمن وقف مع ظاهره عن