نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 63
و إن أكيس الناس من دان نفسه و عمل لما بعد
الموت.» و قال كعب: من أراد شرف الآخرة فليكثر من التفكر. و كان أفضل عبادة أبي
الدرداء التفكر و ذلك لأنه يصل به إلى حقائق الأشياء و يتبين الحق من الباطل و
يطّلع بها أيضا على خفايا آفات النفوس و مكائدها و غرور الدنيا و يتعرف بها وجوه
الحيل في التحرز عنها و الطهارة منها. قال الحسن رضي اللّه تعالى عنه: الفكرة مرآة
تريك حسنك من سيّئك و يطلع بها أيضا على عظمة اللّه و جلاله إذا تفكر في آياته و
مصنوعاته و يطلع بها أيضا على آلائه و نعمائه الجلية و الخفية، فيستفيد بذلك
أحوالا سنية يزول بها مرض قلبه، و يستقيم بها على طاعة ربه قاله الشيخ ابن عباد
رضي اللّه تعالى عنه فهذه ثمرات عزلة أهل البداية.
و أما أهل النهاية: فعزلتهم مصحوبة معهم و لو كانوا وسط الخلق لأنهم
أقوياء رضي اللّه عنهم محجوبون بالجمع عن الفرق و بالمعنى عن الحس استوي عندهم
الخلوة و الخلطة لأنهم يأخذون النصيب من كل شيء و لا يأخذ النصيب منهم شيئا و في
هذا المعنى: قال شيخ شيوخنا المجذوب رضي اللّه تعالى عنه:
الخلق
نوار و أنا أرعيت فيهم
هم
الحجب الأكبر و المدخل فيهم
فإن أضاف المريد إلى العزلة الصمت و الجوع و السهر فقد كملت ولايته و
ظهرت عنايته، و أشرقت عليه الأنوار، و انمحت من مرآة قلبه صور الأغيار، و قد أشار
[الشيخ[1]] إلى بعض
ذلك متعجبا من ضده فقال: