نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 569
و وجد رجل نائم في موضع مخوف كثير السباع و
الآفات و دابته حوله ترعي، فقيل له: إنك في موضع مخوف، فقال: إنا نستحي أن نخاف
غير اللّه، ثم رجع لنومه. و في الحكمة: من استحيي من اللّه و هو مطيع استحيي اللّه
منه و هو مذنب. و سئل الجنيد عن الحياء ما هو؟ فقال: شيء يتولد بين رؤية النعماء
و رؤية التقصير، و قال الفضيل: علامة الشقاوة خمسة: قلة الحياء، و قسوة القلب، و
جمود العين، و الرغبة في الدنيا، و طول الأمل، انتهى. ثم على تقدير سلامة محاسنه
من المساوىء، و تصفية حقائقه من الدعاوي، فأمر المشيئة مبهم، و السابقة و الخاتمة
غير معلوم أمرهما، فلا يدري ما يفعل اللّه به كما أبان ذلك، في المناجاة الثالثة
عشرة بقوله:
356- إلهي حكمك النافذ و مشيئتك القاهرة، لم يتركا لذي حال حالا و
لا لذي مقال مقالا.
قلت: لا شك أن حكم الحق نافذ في خلقه لا معقب لحكمه و لا راد لقضائه،
يفعل ما يشاء، و يحكم ما يريد، لا يُسْئَلُ عَمَّا
يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ [الأنبياء: 23]، و هذا هو
الذي حرك قلوب العارفين فلم يطمئنوا بحال، و لم يعتمدوا على عمل و لا مقال، بل
صاروا مضطرين إلى اللّه في كل حال، لأنهم قد علموا أن حكم اللّه نافذ كلمح البصر
أو هو أقرب، و مشيئته قاهرة لا يصرفها عن إنفاذ مرادها صارف، و لا تردها همة ولي و
لا عارف، ففي لحظة واحدة يقرب البعيد، و يبعد القريب، و يرفع الوضيع، و يضع
الرفيع، و يعز الذليل، و يذل العزيز، و يغني الفقير، و يفقر الغني، و يبسط
المقبوض، و يقبض المبسوط، و يمرض الصحيح، و يصحح المريض، فكيف يصح لعاقل أن يركن
إلى حاله و مقامه، أو يعتمد على علمه و أعماله، أو يغتر ببسط لسانه و مقاله، و
اللّه تعالى يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ
قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال: 24]. قال
بعضهم: من أين للعبد ثبوت حال أو مقال
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 569