نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 541
[و قد أوحى اللّه تعالى إلى داوود 7: يا داوود قل للصديقين، بي فليفرحوا و بذكرى فليتمتعوا].
قلت: لا يكمل الفرح باللّه حتى يخلو القلب من محبة ما سواه، فما دام
العبد متعلقا بشئ من السوى فلا يكمل فرحه باللّه، و لا يتم تنعمه بذكر اللّه. أو
تقول: ما دامت الروح مسجونة في سجن الهيكل لا يتم فرحها باللّه، و لا تتنعم بذكر
اللّه، فإن تخلصت من سجن البدن و تحررت من رق الأكوان كمل فرحها بالواحد المنان و
أنشدت:
أنتم
سرورى و أنتم مشتكي ألمي
و
أنتم في ظلام الليل أقماري
فإن
نطقت فلم أنطق بغيركم
و
إن صمت فأنتم عقد إضماري
و هذا هو الفرح الحقيقي و السرور الأصلي و ما سواه أعراض لأغراض.
قال المقدسي: السرور أعلى من الفرح لأن الفرح ربما شيب بالحزن الذي
هو مقابله و السرور لا حزن معه. و قيل هما شيء واحد. و قال بعضهم: السرور على
ثلاثة أقسام: بداية، و وسط، و نهاية. فبداية السرور يذهب به خوف القطيعة، و ظلمة
الجهل، و وحشة الفراق. و أما وسطه: فإنه يكشف حجاب العلم، و يفك رق التكليف، و
ينفي التدبير و الاختيار. و أما غايته: فإنه يمحو آثار الوحشة، و يقرع باب
المشاهدة، و يضحك وجه الروح لبشارة التجلي، ففي بداية الفرح و السرور يحصل
التصديق، و في وسطه يحصل الأنس، و في نهايته يحصل الجمع و الوصال، انتهى. و قد ضرب
بعضهم مثلا للأقسام الثلاثة أعني:
من يفرح بالنعم من حيث إنه ينال فيها شهوته، أو يشهد فيها منته و
معونته، أو يفرح بالمنعم وحده، فقال: مثل ذلك كثلاثة رجال قدموا على السلطان،
فأعطى لكل واحد فرسا و سيفا، أما أحدهما فقال: هذا فرس نتمتع به، و نركب عليه في
حوائجي، و نقاتل به عدوي، ففرح به من حيث يقضي به مآربه
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 541