نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 511
ماتت، و كالناس لأن الدنيا جيفة و الناس
كلابها، فلما تركت لهم جيفتهم سلمت منهم فدام سيرها إلى أن وصلت إلى أصل وطنها، و
هي الحضرة كما بينه بقوله:
278- إلى أن أناخت بحضرة القدس و بساط الأنس.
قلت: الإناخة هي النزول، و حط الحمول، و لما وصلت الروح إلى مشاهدة
الأحباب و فتح لها الباب أزالت ما كان عليها من الأثقال، و جلست على بساط النزاهة
و الكمال، و هي حضرة القدس أي: التنزيه التي هي دائرة الولاية المقتضية للعبد
تحققه بتقديس مولاه عن كل وصف لا يليق بذاته حتى عرف أنه أجل من أن يعرف، و أعظم
من أن يوصف، فيقول: لا أحصى ثناء عليك فيغرق في التعظيم، و يتمكن في التقديس،
فينعكس عليه تقديسه بحيث يحفظه مولاه، فلا يعصيه بل يكون مقدسا بتقديس الحق إياه،
إذ قدس مولاه فقدسه مولاه كل على ما يليق بوصفه، و من هذا التقديس ينسى كل شيء
بمولاه، فيأنس به دون ما سواه في عين إجلاله و الهيبة منه تعظيما لا فرقا أو تذللا
في عين الإذلال، فافهم قاله الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه، و بساط الأنس: هو محل
الفرح بقرب الحبيب، و مناجاة القريب ليغيب عن كل شيء، و يتأنس به في كل شيء. ثم
بين أسرار الحضرة و هي ست فقال:
279- في محلّ المفاتحة، و المواجهة، و المجالسة، و المحادثة، و
المشاهدة، و المطالعة.
قلت: أما المفاتحة: فهي مفاتحة علم الغيوب، فأنت تفاتحه بطلب العطاء،
و هو يفاتحك بكشف الغطاء، أنت تفاتحه بطلب الزيادة، و هو يفاتحك بتوالي الإفادة،
أنت تفاتحه بالترقي في المقامات، و هو يفاتحك بأسرار العلوم و المكاشفات. و أما
المواجهة: فهي مواجهة أنوار الملكوت و أسرار الجبروت، فأنت تواجهه بأنوار التوجه،
و هو يواجهك بأنوار المواجهة، و هي كشف الحجاب، و فتح الباب. أنت تواجهه بالطاعة،
و هو يواجهك بالمحبة، و أنت تواجهه بالإقبال، و هو يواجهك بالوصال، أنت تواجهه
باستكشاف أنوار الملكوت، و هو يواجهك بكشف أسرار الجبروت.
و أما المجالسة: فهي مجالسة الأدب و الهيبة، فأنت تجالسه بالأدب و
الحياء، و هو يجالسك بالتقريب
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 511