responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 466

التوفيق، ثم ذكر حكمة وجوده فقال:

237- جعله لك عدوّا ليحوشك به إليه.

قلت: لم يخلق اللّه شيئا عبثا قال تعالى: رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ‌ [آل عمران: 191]. فإيجاد الشيطان له حكم: أولها: انحياش عباده إليه، لأن العبد الضعيف إذا رأى عدوّا يطلبه هرب إلى سيده و التجأ إلى حصنه، فيكفيه أمره. الثانية: قيام الحجة على عباده، فإذا خالفوا أمره قال لهم: اتبعتم عدوي و عصيتم أمرى، قال تعالى‌ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ [الأنعام: 149]. الثالثة: كونه منديلا للعار تمسح فيه أوساخ الأقذار، و كذلك النفس و الدنيا.

الرابعة: ظهور مزية المؤمن بمجاهدته و محاربته، فهذه حكم في تسليط الشيطان على الإنسان، وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى‌ أَمْرِهِ‌ [يوسف: 21] وَ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ‌ [التحريم: 2].

حكاية: روي أن الشيطان تعرض لسهل بن عبد اللّه التستري و هو يضحك فقال له سهل:

مما ضحكت يا لعين و قد أبلست و يئست من رحمة اللّه؟ فقال يا سهل: أنا شي‌ء و اللّه تعالى يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‌ءٍ [الأعراف: 156] فقال سهل إنه يقول:

فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ [الأعراف: 156]، فأين أنت من التقوى؟ فقال: التقوى صفة العبد، و الرحمة صفة الرب، و أين الفاني من الباقي؟ فلم يجد سهل جوابا، قلت: و قد يجاب بأن هذه الشبهة مبنية على النظر للفرق، و أما على الجمع فالرحمة وصفه، و التقوى فعله، و فعله يقيد وصفه، و الكل منه إليه: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ‌ [الأنبياء: 23]، ثم ذكر حكمة ظهور النفس فقال: [و حرّك عليك النفس ليديم إقبالك عليه‌].

قلت: إنما حرك الحق تعالى عليك النفس ليدوم إقبالك و توجهك إليه، لأن النفس لما غلبت عليها البشرية جرتها إليها، فهي دائما تهوي بك إلى أرض الشهوات، و أنت دائما تريد أن تعرج إلى سماء الحقوق و الواجبات، هي تريد أن تركن إلى أصلها من عالم الصلصال و الطين، و أنت تريد أن تردها إلى أصل روحانيتها في أعلى عليين، هي تريد السكون في عالم الأشباح، و أنت تريد أن ترقيها إلى عالم الأرواح، فهي دائما تريد التسفل، و أنت دائما تريد الترقي، فهذا معنى‌

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست