نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 436
و الشوق، فإنها لا تهدم عوائدها إلا إن كثرت
و تزايدت، و تسمى أيضا هذه الواردات نفحات قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «إن
للّه نفحات فتعرّضوا لنفحاته[1]»، فمن لم
ترد عليه هذه الواردات اختيارا فليتعرض لها بصحبة العارفين أهل الإكسير الذي يقلب
الأعيان، فإن صحبهم و لم ترد عليه فليخرق عوائد نفسه من الظاهر، فإنها تدخل منه
إلى الباطن، فمتى وردت عليك حينئذ تلك الواردات الإلهية هدمت العوائد عليك و
أفسدتها لديك، فترد عزك ذلا، و غناك فقرا، و جاهك خمولا، و رياستك تواضعا و حنوّا،
و كلامك صمتا، و لذيذ طعامك خشينا، و شبعك جوعا، و كثرة كلامك صمتا، و قرارك في
وطنك سياحة و سفرا، هكذا شأن الوارد الإلهي يخرب العوائد و يهدمها، فهو كملك جبار
ذي جيش طغاة، دخل قرية أو مدينة، فأفسد بناءها و غير عوائدها، قال تعالى: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها:
أي نزعوها و خربوها، وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها،
أذلة: أي رؤساءها أتباعا مرؤوسين وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ
[النمل: 34]، أي هذا شأنهم، و الاستشهاد بالآية في غاية الحسن و المناسبة، ثم ذكر
الشيخ علة هدم الوارد عوائد الإنسان فقال:
217- الوارد يأتي من حضرة قهّار، لأجل ذلك لا يصادمه شيء إلا
دمغه، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا
هُوَ زاهِقٌ [الأنبياء: 18].
قلت: إنما كان الوارد الذي يرد على قلوب السائرين أو الطالبين قويّا
شديدا، لأنه يأتي من حضرة اسمه تعالى القهار ليدمغ بقهريته كل ما وجد في النفس أو
القلب من الأغيار، و إنما قلنا:
من حضرة اسمه القهار لأن الحق تعالى له حضرات بعدد أسمائه، فاسمه
تعالى القهار يتجلى من حضرة قهريته، و اسمه جميل يتجلى من حضرة جماله، و اسمه جليل
يتجلى من حضرة جلاله، و اسمه رحيم يتجلى من حضرة رحمته، و اسمه الحليم يتجلى من
حضرة حلمه، و اسمه الكريم يتجلى من حضرة كرمه، و هكذا فكل اسم يخرج تجليه على وفق
حضرته، قال تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ [الحجر: 21]. و لو كان هذا الوارد الذي يرد على قلوب أهل
[1] - رواه الطبراني في الكبير( 19/ 233)، و في الأوسط(
6/ 222).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 436