نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 306
الخلق، أو بشهود المعنى عن رؤية الحس، أو
بشهود الموسوط عن الواسطة. و أما خاصة الخاصة فلا يطلبون شيئا و لا يخافون من
شيء، صارت الأشياء عندهم شيئا واحدا، و استغنوا بشهود واحد عن كل واحد، فهم
ينظرون ما يبرز من عنصر القدرة فيتلقونه بالقبول و الرضا، فإن كان طاعة شهدوا فيها
المنة، و إن كان معصية شهدوا فيها القهرية، و تأدبوا مع اللّه فيها بالتوبة و
الانكسار، قياما بأدب شريعة النبي المختار صلى اللّه عليه و آله و سلم. و قد وردت
أحاديث في المقامات الثلاثة تعليما للأمة، فقد دعا صلى اللّه عليه و آله و سلم
بالستر على المساوئ و منها، و هي العصمة و الحفظ، و طلب مقام الرضا و التسليم
لأحكام اللّه القهرية، كل ذلك منشور في كتب الأحاديث فلا نطيل به.
ثم إذا ستر الحق تعالى مساوئك و ذنوبك، ثم توجه الناس إليك بالتعظيم
و المجد و التكريم، فاعرف منة اللّه عليك، و انظر من الممدوح في الحقيقة هل أنت أو
من ستر مساوئك؟ كما أبان ذلك بقوله:
134- من أكرمك فإنّما أكرم فيك جميل ستره، فالحمد لمن سترك، ليس
الحمد لمن أكرمك و شكرك.
قلت: إذا كان الحق تعالى تولى حفظك برعايته، و ستر مساوئك بستر
عنايته، فغطى وصفك بوصفه و نعتك بنعته، ثم توجه الناس إليك بالتعظيم و التمجيد و
التكريم، فاعرف منة اللّه عليك، و انعزل عن شهود نفسك، فمن أكرمك فإنما أكرم فيك
جميل ستره: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ
لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا
[النساء: 83]، وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور: 21]، فالحمد في الحقيقة إنما هو لمن سترك لا لمن أكرمك، إذ
لو أظهر للناس ذرة من مساوئك لمقتوك و أبغضوك، فاشكر اللّه على ما أسدى إليك من
الكرم، و غطى عليك من المساوئ التي توجب أنواع الإذاية و النقم.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 306