نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 280
الربانية استحكمت فيها الشهوات الجسمانية و
الأخلاق الشيطانية، فاتصفت حينئذ بكل خلق دنيء و بعدت من كل خلق سنيّ. فإذا أراد
اللّه تعالى أن يرحمها بالقرب من جنابه و الوقوف ببابه ألهمها الصلاة و حببها
إليها، حتى إذا تطهرت من الذنوب و محيت عنها المساوئ و العيوب قربت من حضرة الحبيب
و مناجاة القريب، فقرعت الباب و طلبت رفع الحجاب، و هذا معنى قوله:
[و استفتاح لباب الغيوب]. و هي النتيجة
الثانية من نتائج الصلاة. قلت:
المراد بالغيوب أسرار الملكوت و أسرار الجبروت، و إنما كانت الصلاة
استفتاحا لباب الغيوب، لما اشتملت عليه من تطهير الظاهر و الباطن. قال محمد بن علي
الترمذي الحكيم رضي اللّه تعالى عنه: دعا اللّه الموحدين إلى هذه الصلوات الخمس
رحمة منه عليهم، و هيأ لهم فيها أنواع الضيافة لينال العبد من كل قول و فعل شيئا
من عطاياه؛ فالأفعال كالأطعمة و الأقوال كالأشربة، و هي عرش الموحدين هيأها رب
العالمين لأهل رحمته في كل يوم خمس مرات حتى لا يبقى عليهم دنس من الأغيار انتهى.
فإذا تطهر الظاهر بالطهارة الحسية، و الباطن بالطهارة المعنوية، استحق الدخول إلى
الحضرة القدسية، فأول ما يتحف به قربه إلى الباب و سماع خطاب الأحباب من وراء حجاب
فيتمتع بمناجاة الأحباب و لذيذ الخطاب، و هو معنى قوله:
120- الصلاة محل المناجاة.
و هي النتيجة الثالثة. قلت: المناجاة هي المساررة و المكالمة مع
الأحباب، فمناجاة العبد ربه بالتلاوة و الأذكار، و مناجاة الرب لعبده بالتلبية و
الفتح و رفع الأستار.
و في الحديث الصحيح: «المصلّي يناجي ربّه[1]»،
و قال أيضا صلى اللّه عليه و آله و سلم: «يقول اللّه تعالى: قسمت الصلاة بيني و
بين عبدي، و لعبدى ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال تعالى: حمدني عبدي.
[1] - رواه البخاري( 1/ 198)، و النسائي في الكبرى( 5/
32)، و الطبراني في الكبير( 11/ 32).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 280