responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 241

استحثته الرحمة التي جعلها لك في الأم مستحثّا لا يفتر و مستنهضا لا يقصر، ثم إنه شغل الأب و الأم بتحصيل مصالحك و الرأفة عليك و الرحمة و النظر بعين المودة منهما إليك، و ما هي إلا رأفته ساقها للعباد في مظاهر الآباء و الأمهات تعريفا بالوداد، و في حقيقة الأمر ما كفلتك إلا ربوبيته، و ما حضنتك إلا ألوهيته، ثم ألزم الأب القيام بك إلى حين البلوغ، و أوجب عليه ذلك رأفة منه بك، ثم رفع قلم التكليف عنك إلى أوان تكمل الأفهام، و ذلك عند الاحتلام، ثم إلى أن صرت كهلا لم يقطع عنك نوالا و لا فضلا، ثم إذا انتهيت إلى الشيخوخة، ثم إذا قدمت عليه، ثم إذا حشرت إليه، ثم إذا أقامك بين يديه، ثم إذا سلمك من عقابه، ثم إذا أدخلك دار ثوابه، ثم إذا كشف عنك وجود حجابه و أجلسك مجالس أوليائه و أحبابه، قال سبحانه: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر 54: 55]، فلأيّ إحسانه تشكر؟ و لأيّ أياديه تذكر؟ و اسمع قوله سبحانه: وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ‌ [النحل: 53] تعلم أنك لم تخرج عن إحسانه، و لن يعدوك وجود فضله و امتنانه، انتهى كلامه في التنوير، و هو شرح لهذه الحكمة لاشتماله على النعمتين إيجادا و إمدادا، و من نعمة الإمداد المعنوي نعمة الإسلام و الإحسان، و حفظ ذلك و إدامته علينا في كل وقت و حين، و زيادة الترقي في المعرفة و اليقين إلى يوم الدين، فالحمد للّه رب العالمين. ثم المقصود بالنظر إلى هاتين النعمتين هو الإنسان و إن كانتا عامتين في جميع الأكوان، إذ هو المطلوب بشكرها و التحدث بذكرها، و لذلك خصه بالخطاب كما أشار إلى ذلك بقوله:

98- أنعم عليك أولا بالإيجاد، و ثانيا بتوالي الإمداد.

قلت: توالي الإمداد هو تتابعه و اتصاله سواء كان حسيّا أو معنويّا، ففي كل ساعة و لحظة أنت مفتقر إلى إمداده قلبا و قالبا، كما أبان ذلك بقوله:

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست