نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 218
يَحْزَنُونَ
[يونس: 62]، و كان السلف الصالح إذا أقبلت الدنيا قالوا: ذنب عجلت عقوبته، و إذا
أقبل الفقر قالوا: مرحبا بشعار الصالحين. الوجه الثاني:
إنما جعل اللّه سبحانه الأكوان ظاهرها غرّة تغطية لسرّه، و إظهارا
لحكمته، و ذلك أن الحق سبحانه لما تجلى في مظاهر خلقه غطى سره بظهور حكمته، أو
تقول:
الأكوان ظاهرها ظلمة، و باطنها نور، فمن وقف مع الظلمة كان محجوبا، و
من نفذ إلى شهود النور كان عارفا محبوبا، أو تقول: الأكوان ظاهرها حس، و باطنها
معنى، فمن وقف مع الحس كان جاهلا، و من نفذ إلى المعنى كان عارفا، أو تقول الأكوان
ظاهرها ملك، و باطنها ملكوت، فمن وقف مع الملك كان من عوام أهل اليمين، و من نفذ
إلى شهود الملكوت كان من خواص المقربين، و قد أشرت إلى ذلك في قصيدتي التائية حيث
قلت:
إذا
حبست نفس بسجن الهوى الذي
تقيّد
فيه العقل في قهر قبضة
و
أشغلها علم الصّوان لحكمة
فلم
تر إلا الكون في كلّ وجهة
فذلك
عين الملك و هم ثبوته
و
ناظره محجوب في سجن ظلمة
و
إن نفذت روح المقدّس سرّه
إلى
درك نور الحقّ فاض بقدرة
فذا
ملكوت اللّه يسمى لوسعه
و
عارفه يحظى بفتح بصيرة
و اللّه تعالى أعلم. ثم بين الشيخ الواقف مع الظواهر و النافذ إلى
البواطن، فقال:
فالنفس تنظر إلى ظاهر غرّتها، و القلب ينظر إلى باطن عبرتها.
قلت: إنما كانت النفس تنظر إلى ظاهر غرتها لما فيها من متعة شهوتها و
حظوظها، فلا يخرجها عن ذلك إلا شوق مقلق، أو خوف مزعج، أو عناية ربانية، إما
بواسطة شيخ كامل له إكسير يقلب به الأعيان، أو بغير واسطة:
وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*
[الحديد: 21]، و إنما كان القلب ينظر إلى باطن عبرتها لما فيه من نور العرفان الذي
يفرق بين الحق و الباطل، و يميز بين النافع
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 218