نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 214
الحي القيوم، و ربما منعك من كثرة العلوم و
أعطاك الأنس بالحي القيوم، فأحطت بكل مجهول و معلوم. ربما أعطاك عز الدنيا و منعك
عز الآخرة، و ربما منعك من عز الدنيا و أعطاك عز الآخرة. ربما أعطاك التعزز بالخلق،
و منعك من التعزز بالحق، و ربما منعك من التعزز بالخلق و أعطاك التعزر بالملك
الحق. ربما أعطاك خدمة الكون، فمنعك من شهود المكّون، و ربما منعك من خدمة الكون،
و أعطاك شهود المكوّن. ربما أعطاك التصرف في الملك و منعك دخول الملكوت، و ربما
منعك من التصرف في الملك و منحك شهود الملكوت. ربما أعطاك أنوار الملكوت فمنعك
الترقي إلى بحر الجبروت، و ربما حجب عنك أنوار الملكوت فأعطاك الدخول إلى حضرة
الجبروت، ربما أعطاك القطبانية و منعك التمتع بشهود الفردانية، و ربما منعك
القطبانية، و متعك بشهود سر الوحدانية، إلى غير ذلك مما لا يحصيه إلا علام الغيوب.
قال ابن العربي الحاتمي رضي اللّه تعالى عنه:
إذا منعت فذاك عطاؤه، و إذا أعطيت فذاك منعه، فاختر الترك على الأخذ
انتهى. و شاهده قوله تعالى: وَ عَسى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 216]، فإذا
فهمت هذا علمت أن المنع هو العطاء كما بينه بقوله:
84- متى فتح لك باب الفهم في المنع عاد المنع عين العطاء[1].
قلت: إذا فهمت أيها العبد عن اللّه بعد تحققك برحمته و رأفته و كرمه
وجوده و نفوذ قدرته و إحاطة علمه علمت أنك إذا سألته شيئا أو هممت بشيء أو احتجت
إلى شيء فمنعك منه، فإنما منعك ذلك رحمة بك و إحسانا إليك، إذ لم يمنعك من بخل و
لا عجز و لا جهل و لا غفلة، و إنما ذلك حسن نظر إليك، و إتمام لنعمته عليك لكونه
أتم نظرا و أحمد عاقبة: وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً
وَ هُوَ
[1] - أثبتها الشارح رضي اللّه تعالى عنه بلفظ" هو
عين العطاء". قال العلامة خلف اللّه إن لفظة" هو" محذوفة في بلقي
نسخ التصحيح. و ما أثبتناه أصوب و أبلغ، و اللّه تعالى أعلم. و في شرح سيدي زروق
أثبتها بلفظ" هو" و ليس ببعيد.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 214