نام کتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية نویسنده : الكيالي، عاصم إبراهيم جلد : 1 صفحه : 36
قد يكون مؤمنا في بعض الأحوال و لا يكون
مؤمنا في بعضها، و المؤمن مسلم في جميع الأحوال فكل مؤمن مسلم، و ليس كل مسلم
مؤمنا. و إذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات، و اعتدل القول فيها، و
لم يختلف شيء منها. و أصل الإيمان التصديق، و أصل الإسلام الاستسلام و الانقياد.
فقد يكون المرء مستسلما في الظاهر غير منقاد في الباطن و قد يكون صادقا في الباطن
غير منقاد في الظاهر»[1].
و الإحسان أعلى درجات الدين الإسلامي
و هو مراقبة اللّه تعالى في السر و العلن، و الشعور بوجوده تعالى،
فهو الكمال المتضمن للإسلام و الإيمان. قال تعالى:
بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ
[البقرة: 112] فكل محسن مؤمن و مسلم و ليس كل مؤمن و مسلم محسنا، قال الإمام أبو
الفتح الشهرستاني في كتابه (الملل و النحل في الباب الأول): «فإذا كان الإسلام
بمعنى التسليم و الانقياد ظاهرا موضع الاشتراك فهو المبدأ. ثم إذا كان الإخلاص معه
بأن يصدق باللّه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و يقر عقدا بأن القدر
خيره و شره من اللّه تعالى، بمعنى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و ما أخطأه لم يكن
ليصيبه، كان مؤمنا حقا، ثم إذا جمع بين الإسلام و التصديق، و قرن المجاهدة
بالمشاهدة و صار غيبه شهادة فهو الكمال. فكان الإسلام مبدأ، و الإيمان وسطا، و
الإحسان كمالا».
و قال الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي رحمه اللّه في
حديث سؤال جبريل النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن الإيمان و الإسلام: «جعل
النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم الإسلام اسما لما ظهر من الأعمال، و جعل الإيمان
اسما لما بطن من الاعتقاد، و ليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، و التصديق
بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد و جماعها الدين، و
لذلك قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» و التصديق و
العمل يتناولهما اسم الإيمان و الإسلام جميعا، يدل عليه قوله سبحانه و تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران: 19] و وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ
دِيناً [المائدة: 3] و وَ مَنْ يَبْتَغِ
غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
[آل عمران:
85] أخبر سبحانه و تعالى أن الدين الذي رضيه و يقبله من عباده هو
الإسلام، و لا يكون الدين في محل القبول و الرضا إلا بانضمام التصديق إلى العمل»[2].