الحياة، و سئم العيش، و رأى ماله قد صار
لغيره بخلاف ما إذا كان صحيحا يكون للمال مكان في قلبه و حب من نفسه، لما يأمل من
البقاء و يخشى من الفقر فالشح به غالب و السماح به حينئذ أصدق في الإخلاص و أعظم
في المثوبة.
كذا إذا تصدق و هو حريص على جمع المال قد توافرت لديه أسباب إدخاره
كان ذلك دالا على الرغبة في الخير و ابتغاء ما عند اللّه.
و لا يتأخر بالتصدق حتى يكون الموت منه قاب قوسين لأنه يكون مغلولا[1] عن التصرف في كل ماله إذ أن المريض
لا يجوز له أن يتبرع إلا بثلث ماله فقط، و ما زاد على ذلك يكون من حق الورثة إن
شاؤا أجازوا تصرفه و إن شاؤا لم يجيزوه.
و يدل الحديث على أن تنجيز وفاء الدّين و الصدقة في حال الصحة أفضل
منه في حال المرض لأنه في الأولى يصعب عليه إخراج المال غالبا لما يخوفه الشيطان
من الفقر، و يزين له من إمكان طول العمر و الحاجة إلى المال، كما قال تعالى:
الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ[2]، و
قال: وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ[3] الآية. و في الحديث: «مثل الذي يعتق و يتصدّق عند موته مثل الذي
يهدي إذا شبع».
93- باب: ما تجوز الصدقة به في مرض الموت
عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: جاءني رسول اللّه صلى اللّه
عليه و سلم يعوذني من وجع اشتدّ بي، فقلت يا رسول اللّه: قد بلغ بي من الوجع ما
ترى، و أنا ذو مال، و لا يرثني إلّا ابنة أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: «لا»، قلت
فالشّطر يا رسول اللّه؟ قال: «لا»، قلت فالثّلث؟ قال: «الثّلث و الثّلث كثير،