كل منها تعرض نفسها على الحكومات الشرقية
كيداً منها و مكرا. هذا تقدّم لها دنانيرها ديناً. و هذه تلتزم مكوسها و ضرائبها
على ذمتها نقدا. و تلك تشترى منها حقوقالعباد فى متاجرهم سلفا. والاخرى تعهد ان
تستخرج لها المعادن و تنشئى الجوادّ والمسالك و هلّم جرّا. هذه كلها خدع. و انما
الغرض منها ان تُثبت لنفسها حق استملاكها. و على هذه الوتيرة قد جرت سنة الافرنج
فى اغتصاب جزائرالغرب و تونس و الهند و بلاد ماوراءالنهر و مصر و سائر ممالك
المسلمين. و كانت الاقطار الايرانية فى أمن من عراقيل هذه الغوائل الى ان بدا
سلطان الجنون والزندقه. ففتح عليها ابواب المحن والمصائب و جلبالاخطار على
الاسلام و حوزتة من كل جانب. اتّفق جنون الشاه و زندقة وزيره على بيع حقوق
المسلمين و املاك المؤمنين مجازفة. فاغتنمت الامم الافرنجيّة هذه الفرصة لاستحصال
الوسائل التى تمكّنها من بثّ سلطانها فى ارجاء البلاد. و كانت الامة الانجليزية فى
مقدمتها. و لما ارغم العلما انوف الزنادقة المتجبّره و كفّوا بقوةالحق يدالجور عن
التطاول على اموال المسلمين و اغتصابها وزالت غائلة التنباك جاش الشاه واختبط،
فالتزم للشركة الانجليزية على نفسه (غرامةً لجنونه و جريمةً لزندقة وزيره).
خمسماية الف ليرة قبل ان يطالبها بفسخ العقود التى عقدتها معالشركة الفرنساوية
لبيع التنباك فىالبلاد العثمانية- و فتح بسفهه هذا، على البلاد الايرانية ابواب
غرامات لايمكن لأغنى الدول ان يقوم بها (كغرامة القُرعة و غرامة البانك و غرامة المعادن
و غرامة السكك و الجوّاد و غرامة سائرالعقود الباطلة التى عقدها مع الافرنج و هم
يطالبونه بها و هو يعجز عن انفاذها، فيضطر جرياً على سنّته السيئة التى سنّها
بجنونه، ان يقتبل غرامتها). ثم زاد شراً على شره (نستجير باللَّه) و ترك المكوس
(الكمرك) و هو فى سكرته، للدولة الانجليزيّة الى اربعين سنةً عوضاً عنالغرامة
التى التزمها على نفسه. ها هى الأخطار الهائلة كنّا نحذّر منها قبلا. ولقد جلبها
على الاسلام ادّلاء الكفر سفهاً و عمدا.