مولاى، المدح إبانة مكتوم. والوصف إظهار خلق غير معلوم. و أنت بكل
فضيلة موصوف، و بكل مكرمة معروف، فلا أكدح في ثنائك، ولا أدأب في مدحك. كيف، و قد
وقف دون مقامك منطق الفصحاء- و إنما أقول انك في القطر المصري أمان لكل البرايا. و
بك قامت فيه دعائم العدل و أساطين النصفة. تحب كل خير بجبلتك و تسعى إليه، ولا
يأتي منك الشر و إن أجبرت عيه. وليس في عدلك و نصفتك أدمان، وليس لك من الظالمين
أخذان. و أنت الفرد الذي لاترضى بالظلم أينما حلَّ، و تأبى الجور والأجل والأقل.
ولكن مهما أنت فيه يا مولاي و عليه من حب الإِنصاف و بغض الحيف والاعتساف، قد سطا
علي في زمان عدلك الظلم بسيفه، و أراق العدوان دمي، وليس لي ناصر ولامعين. يا
للعدل، و يا للانصاف، أهكذا يفعل بالبريء في بلد أنت الرئيس عليه. لا، لا و حقك،
إن هذا ليس من النصفة في شيء. إن عدلك، يا مولاي، نهر عثمان باشا حماية عنالحق،
و نهاه عنالتهمة والافتراء و التجني على هذا المسكين البريء [2]. ولكن أبت النفس
الخبيثة إلا الشر، فاختلق أقوالا، وافتعل أكاذيب، و بلغها سمع الخديو. والخديو
بلاتدبر و رَويَّة، ولا إجالة فكرة، أمر بطردي من الديار المصرية [3]، بأشنع وجه و
أقبح صورة، ظلما و عدوانا. فإن أنت يا مولاي
______________________________
[1] يظهر من سياق الرسالة انها موجهة الى شريف باشا.
[2]. هناك عبارة في هامش المسودة موازية لهذه العبارة. و نصها: «و
حقك، إن الرجيم لايطيق أن يسمع كيفية طردي و معاملة عثمان باشا معى».
[3]. تلى هذه العبارة عبارة مشطوبة، هى: «ظلما و عدوانا».