مولاى، أنت الحق، و أنت معالحق أينما كان، لاتحيد عنالرشد، ولاتميد
عن السداد، ولاتتهاون في فريضة العدل، ولاتقصر في واجبات كمال النفس و طهارتها. و
تصدع بالصدق، و تقول الحق، لاتأخذك فيه لومة لائم، ولاتلويك عنه معيبة ظالم،
ولاتسدك خشية غاشم. ولاتكتم الشهادة خوفا منالجائرين واسترضاء للخائنين- و أنت
كنت تعلم حقيقة مجلسنا و أساسه، و سبب وقوع الفساد فيه. ما خفي عليك شيء. و كنت
عارفاً بواقع أمري، مطلعا على سريرتي و سري- فكيف صبرت، مع كونك مجبولا علىالحق،
مقسورا على حمايته، أن ينسب إلى عثمان باشا [2] الضابط ما نسب من الأكاذيب و
الافتعالات. و قال إفتراء و كذبا أني كنت رئيسا على مجمع قد وضع أساسه على
فسادالدين والدنيا، حتى أذعن الخديو بغير روية إلى قوله فأمر بنفيى بأشنع صورة.-
أمثلك يهاب أن يقول الحق، و يخشى أن يصدع بالصدق؟- أمثلك يكتم الشهادة؟ أمثلك يرى
الظلم، و يتهاون في دفعه، و يتقاصر في دفعه، حاشاك، حاشاك، ما هكذا الظن بك.
ولكن ...- ثم يا مولاي أرسلت (العارف) الى صاحب الدولة رياض باشا
لقبض أموالي و كتبي التي بقيت في مصر، فأرجو رجاء من يعتقد أنك أمل لكلِّ أن تنظر
إليه بنظر عنايتك كما هو من سجيتك و عادتك- و أنا الان في القنال أذهب إلى لندن، و
منها إلى باريس، مسلما عليك سلام المشتاق إليكم.
______________________________
[1]* يحتمل ان تكون الرسالة موجهة الى محمد شريف باشا،
رئيسالوزراء المصرى
[2]. عثمان باشا غالب مدير الأمن في ذلك الوقت الذي اعتقد الافغاني
انه اوعز الى الخديو بطرده.