نام کتاب : الولاية الالهية الاسلامية او الحكومة الاسلامية نویسنده : المؤمن القمي، الشيخ محمد جلد : 1 صفحه : 293
2- و منها كلام له عليه السّلام لمّا اريد
البيعة بعد مقتل عثمان، قال عليه السّلام: «دعوني و التمسوا غيري فإنّا مستقبلون
أمرا له وجوه و ألوان لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول و إنّ الآفاق قد
أغامت و المحجّة قد تنكّرت». فقالوا له: ننشدك اللّه، ألا ترى الإسلام؟ ألا ترى
الفتنة؟ فقال عليه السّلام: اعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم و لم اصغ إلى
قول القائل و عتب العاتب، و إن تركتموني فأنا كأحدكم، و لعلّي أسمعكم و أطوعكم لمن
ولّيتموه أمركم، فأنا لكم وزيرا خير لكم منّي أميرا[1].
فتراه عليه السّلام قد ردّ أوّلا بيعتهم و علّل ردّه بأنّ أمر
الولاية حينذاك له وجوه و ألوان ربما لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه عقول عامّة
الناس لأنّ الآفاق ليست مضيئة واضحة بل قد أغامت و المحجّة الإلهيّة قد تنكّرت. و
الظاهر أنّ هذه الإغامة و التنكّر قد حدثا لأجل عدم امتثال الناس لأمر اللّه و
رسوله في الولاية، تلك المسألة الأساسية و اعتاد الناس بعادات ناشئة عن عمل الولاة
و امرائهم في هذه الفترة بحيث يكون العدول عنها إلى صراط اللّه المستقيم في كمال
الصعوبة، و لذلك ذكر هو عليه السّلام بعد قيامه بأمر الولاية بأنّه لا يمكنه
العدول في امور إلى ما هو الحقّ لأنّه حينئذ يتفرّق الناس و الجند عنه.
ثمّ إذا أصرّ الناس عليه- مستدلّا بأنّ الفتنة شديدة يخاف منها على
الإسلام- أجابهم ثانيا بأنّي إن أجبتكم عملت فيكم بما أعلم من الأحكام الإلهية و
لم أصغ إلى ما يعرض عليّ القائل و لا إلى عتب العاتب، و هذا تأكيد منه عليه
السّلام على تهيئة الناس لقبول الإسلام العزيز، و من المعلوم أنّ مثل هذا العمل
الصحيح ليس مقبولا لجمع من الناس لعلّهم من الملأ و الأعيان، و بهذه العلّة أيضا
أفاد أخيرا أنّه إن كان وزيرا لهم فهو خير للناس أنفسهم من أن يكون أميرا عليهم.
فهذه الرواية رواية عالية جدّا توضح وضعية ذلك الزمان و أنّ ما أفاده
عليه السّلام كان هو الحقّ الصحيح.