نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 279
البدوية، بدفع الرشاوى لها، من جهة، و
تهديدها بالقوة، من جهة أخرى، لم يجد نفعا بسبب ميوعته في الاتجاهين، و لعله شجع
بعض القبائل القوية على الابتزاز.
فالأعمال العسكرية التي قامت بها، لم تكن قط حاسمة، و لم تتوفر لها
القوة اللازمة لإخضاع القبائل الشرسة. و كذلك فشلت الحكومة في تحقيق أغراضها عبر
تحريض القبائل بعضها على بعض، إذ سرعان ما انقلب المنتصر على الحكومة و عاد إلى
الممارسة الاعتيادية. و قد استعملت الحكومة بعض القبائل كشرطة حدودية، مثل قبيلة
الهنادي، التي جاءت من مصر، و اشتهر زعيمها عقيل في هذه الفترة في شمال فلسطين. و
في النتيجة، فشلت الأساليب جميعها التي لجأت إليها الحكومة العثمانية في ضبط سلوك
القبائل البدوية، بما في ذلك محاولة توطينهم و استقرارهم. و ظلت هذه القبائل عامل
اضطراب أمني و مصدر إزعاج للحكومة.
امتيازات و قناصل
نظرا إلى الدور الكبير الذي أدّته الدول الأوروبية، و خصوصا
بريطانيا، في فرض الانسحاب من بلاد الشام على محمد علي، و إعادتها إلى الحكم
العثماني، فقد زاد تبعا لذلك تدخلها في شؤون السلطنة عامة، و في بلاد الشام خاصة.
و الأمر الذي ساعدها على ذلك كان الضعف العام الذي اعترى السلطنة، و على جميع الصعد.
و في الواقع، فإن الباب العالي أصدر فرمانات التنظيمات تحت ضغط دول أوروبا. و
بينما كانت المصالح الاقتصادية و الاستراتيجية تملي على دول أوروبا سياستها في
الشرق، فإنها وجدت في الأقليات الدينية و حقوقها المدنية الذريعة للتدخل في شؤون
الحكم العثماني، في العاصمة كما في الولايات. و إزاء ضعف السلطنة، راحت تلك الدول
توسع من امتيازاتها التجارية التي حصلت عليها سابقا، و منها ما أعطي في أوج قوة
السلطنة (أيام سليمان القانوني 1535 م). و مع عودة الحكم العثماني إلى بلاد الشام
و العقبات، الذاتية و الموضوعية، التي واجهها، زاد قناصل الدول الأوروبية، الذين
كثر عددهم و اتسع نفوذهم في البلاد أيام الحكم المصري، في تدخلهم في شؤون البلد،
إذ طال نواحي النشاط الحكومي جميعها- الإدارة و الاقتصاد و المحاكم و شؤون
الرعايا. و برز بينهم القنصل البريطاني و ودز، الذي تصرف كحاكم فعلي للبلاد، تحت
غطاء تنفيذ التنظيمات.
و كان اتفاق دول أوروبا على صيانة وحدة السلطنة الرسمية نابعا من
تباينها بشأن اقتسام مناطق النفوذ في أراضيها. و لذلك، فتلك الدول لم تكن معنية
بترسيخ الحكم العثماني في الولايات، و تثبيت مرتكزاته، بل على العكس، كثيرا ما
عمدت إلى
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 279