responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 146

بينهما (629 م)، و استعاد هيراكليوس الولايات الشرقية، بما فيها إيليا كابيتولينا، و كذلك «الصليب المقدس» الذي أعيد إليها بموكب فخم.

إن السهولة التي احتل بها الفرس الولايات الشرقية للإمبراطورية البيزنطية، لا يمكن تفسيرها من دون الأخذ في الاعتبار الصراعات الدينية داخل الكنيسة المسيحية، و ما رافقها من قمع و إراقة دماء. فهذه الولايات كانت في شقاق مع بيزنطة، لأسباب سياسية و قومية، عبرت عنه في تشبثها بالعقيدة المونوفيزيتية، المناهضة للكنيسة الرسمية. و زاد في ميل سكان هذه الولايات إلى الفرس، المعاملة الحسنة التي كان يتمتع بها النسطوريون تحت حكمهم. أمّا في فلسطين، فعلى الرغم من أن البطريرك كان مواليا للمركز، فقد كانت أغلبية الناس في المعارضة. و مع ذلك، انتقم الفرس من مسيحيي البلاد و كنائسهم، و خصوصا في أورشليم، و سمحوا لليهود باستباحة معابد المسيحيين و منازلهم. و انتهز هؤلاء الفرصة ظنّا منهم أن الحكم الفارسي سيعيد إليهم السلطة في البلاد، كما فعل كورش في حينه. لكن هذه الأحلام تبددت بالنصر الذي أحرزه هيراكليوس على الفرس.

و النصر الباهر الذي حققه هيراكليوس وضعه في مصاف الأباطرة العظام، و هناك من شبهه بالإسكندر المقدوني. لكن «الفتح العربي» الذي جاء سريعا في إثره غطى عليه. و مع ذلك، فإن هذه الحرب مع الفرس، و ما آلت إليه من نتائج، مهدت الطريق أمام الفتح العربي، و بالتالي إزالة الدولة الساسانية من الوجود، في حين صمدت بيزنطة ثمانية قرون أخرى. و بعد توقيع الصلح مع الفرس، عرج هيراكليوس على إيليا كابيتولينا في طريق عودته إلى بيزنطة، و دخلها باحتفال كبير، و أعاد «الصليب المقدس» إلى موضعه، و أمر بترميم الكنائس التي خربت، و منع اليهود من دخول «المدينة المقدسة»، و حاكم المسؤولين عن ارتكاب المجازر ضد المسيحيين، و لاحقا أصدر مرسوما يحظر عليهم ممارسة شعائرهم الدينية.

العمران‌

لقد حققت الولايات الشرقية من الإمبراطورية الرومانية نهضة عمرانية و فنية و فكرية، في العصر البيزنطي، و خصوصا بعد بروز الديانة المسيحية. فإضافة إلى هندسة المدن، التي أقيم الكثير منها، بنيت كنائس فخمة و أديرة و أبنية عامة، تجلى فيها الفن البيزنطي الرائع. و في صوغ هذا الفن المتميّز تضافرت ثلاثة عناصر أساسية، هي: المسيحية و الهلّينية و التراث الشرقي. و كانت مدينة أنطاكيا، عاصمة الولاية السورية، هي الرائدة على هذا الصعيد. كما قامت في بلاد الشام مراكز أدبية و ثقافية،

نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست