قال لها الوزير: إن أمرا عجزت عنه حيلتي
لجدير أن لا يبلغه احتيالك. و قضية قصّرت عن احتمالها قدرتي لحقيق أن يقصّر عنها
احتمالك.
قالت له الجارية: إني أصل من الملك إلى ما لا تصل أنت إليه. و أقدر
من التوصّل إلى قلبه على ما تقدر أنت عليه. لأني أحضره في وقت تناهي سروره و طربه.
و أخلو معه في أوقات لهوه و لعبه. و زمام قلبه حينئذ في يدي كيف ما شئت أقلّبه. و
عنان لبه مسلّم إليّ، فعليّ حكم اختياري تصرّفه و تقلبه. لا سيما إذا اختلفت لديك
وجها يوجب التأمل. و أخرجته في معرض يرى أنه بريء من التكلّف و التعمل.
فاتخذ لها الوزير عند ذلك أصناف الحلي و الملابس.
و حكّمها[1] من خزائنه
في كلّ ما اقترحته من الذخائر و النفائس.
و حملها إلى الملك في أكمل هيئة و صورة. و نقلها إلى قصره، و قد
أصبحت صفات الجمال عليها مقصورة. فلما رآها الملك راعه ما عاينه من باهر حسنها. و
استنطقها ففتنته ما سمع من فصاحة لسانها على حداثة سنّها. فملكت عليه أعشار قلبه.
و شغلته من نسائه عمّن كانت تدلّ بميله إليها و حبه.
و أقامت عنده مدّة لا يلهيه عنها لهو و لا طرب. و لا يلهيه عن
الاشتغال بها مهمّ و لا أرب. فلمّا علمت أن هواها من قلبه قد تمكّن، و ظهر لها صدق
شغفه بها و تبيّن. اتخذت مجلسا عظيما كسيت[2]
بصفائح الذهب الإبريز حيطانه و سقوفه. و رصّعت فيه من