فلما دخل المجنون رأى ما استقصر في جنبه الصفة. و استقبلته سيدتها
كالبانة المتأودة، المتعطفة. فلما رأته كشفت عن ساقيها، و حلّت له نطاقيها[2]، و ألقت ذلك الدواج عن ظهره. و
أمرت الجارية بتغيّيبه عنه و ستره. ثم جعلت ثغرها فوق ثغره، و صدرها تحت صدره، فلا
تسل بعد ذلك عمّا كان من أمرها و أمره! ثم أجلا[3]،
و قد نال ما أنساه دواجه و ألهاه عن نفسه. و ذاق منها ما ليس يقلعه أبو الحسين
القلاع[4] من ضرسه.
ثم إنها أطعمته و سقته. و أطمعته في العود إلى مثل حاله الأول و سوفته[5]. فلما همّ بذلك أمرت الجارية
بإخراجه. و الحيلولة بينه و بين دواجه. فلم يستطع عن نفسه منعا و لا دفعا. و علم
أن اللّه قد أهلك من قبله من القرون، من هو أشدّ منه قوة و أكثر جمعا.