و مشير[1]
ناصح. و جليس مغاد[2] له
بالحكمة مراوح. و طبيب لأدواء جسمه ناصح.
ففعل الملك ذلك بولده. فنشأ من الأخلاق الجميلة على ما دلّ به على
طهارة مولده. و ظهر فيه من مخايل النجابة ما كان كالطبيعة لما يستقبله من النجاح
في غده. و صلح بعد ذلك لأن يؤهل بعده للاستخلاف. و استحق ولاية العهد بما ارتفع في
فضله من الخلاف.
[أم الملك]
فقال الملك يوما لأمه- و قد سرّته و تمكنت من قلبه بما وصلته به من
هذه النصائح و برته-: إني أريد أن أجعله لأقوال العلماء مطالعا. و لهم في أخلاقهم
و آدابهم متابعا. فما الذي ينبغي أن يقتصر به من ذلك عليه. و يلزم الاشتغال به
لتكون همته مصروفة إليه؟
فقالت إنه قد أخذ بحمد اللّه من علوم الدين بالحظّ الأوفر.
و اهتدى بأنوار هذا فبصر بعدما استبصر. و الإكثار ربما أملّ و أضجر.
و العلم أكثر من أن يحصى فخذه منه بأحسن ما يروى و يؤثر. و قد أهلته
لأمر فينبغي أن يكون شغله في هذا الوقت بما ينتفع به فيه.
و إلزامه بحفظ ما هو مفتقر إلى العمل به في وقت توليه.
[1] المشير: هو المستشار، و الكلمة مأخوذة من قول العرب
شرت الدابة، و شورتها إذا علمت خبرها. انظر: عيون الأخبار 1: 31؛ آداب الملوك
للثعالبي 91- 94؛ المنهج المسلوك للشيزري، 475- 482؛ الشّهب اللامعة، 162.