قوله: و
حدّ البعد ثمانية و أربعون ميلًا من كلّ جانب على الأقوى من مكّة.
أقول: و تدلّ
عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قلت له: قول اللَّه عزّ و جلّ في
كتابه ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ قال: «يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية و
أربعين ميلًا»[1].
و اختاره
المحقّق في «النافع» و «المعتبر»، و خالفه في «الشرائع» و اختار القول الآخر؛ و هو
اثنى عشر ميلًا من كلّ جانب. و حاول ابن إدريس رفع الخلاف بين القولين فقال: حدّه
من كان بينه و بين المسجد الحرام ثمانية و أربعون ميلًا من أربع جوانب البيت، من
كلّ جانب اثني عشر ميلًا.
و ربّما
يدلّ على كفاية اثني عشر ميلًا قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ[2]؛ فإنّ
الحاضر مقابل المسافر، و المسافر شرعاً من كان سفره اثني عشر ميلًا.
(مسألة
1) قوله: لكن بشرط عدم إقامة سنتين بمكّة.
أقول: هذا ليس
بشرط ظاهراً في الحكم المذكور، و إن كان مذكوراً في صدر صحيحة زرارة[3] التي هي الدليل على الحكم المذكور لكنّه
حكم آخر غير الحكم المذكور في ذيلها. و المراد منه: أنّ من ليس من أهل مكّة، و
أقام بمكّة سنتين فهو بحكم أهل مكّة. و لا ربط له بالحكم المذكور في ذيل الحديث، و
هو: «أنّ من له أهلٌ بمكّة و أهلٌ بغير مكّة فلينظر أيّهما الغالب».
[1] وسائل الشيعة 11: 259،
كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 6، الحديث 3.