من درجات الأرض لو
لم يعرض له مانع، و كذا في كلّ موضع كان بجانب الغربي من ذلك الموضع. و لا يلزم
منه أن يرى في موضع كان بجانب الشرقي منه.
و يعلم ذلك
من بيان مقدّمتين:
المقدّمة
الاولى: أنّ القمر كرة من الكرات السماوية، نصفه المحاذي للشمس منوّر و نصفه
الآخر مظلم، له حركة دورية حول كرة الأرض دائماً يدور حولها في كلّ شهر مرّة. و
كلّما وصل في دوره إلى ما بين الأرض و الشمس كان نصفه المظلم محاذياً للأرض، فلا
يرى من نصفه المنوّر شيء، و يسمّى حينئذٍ ب «المحاقّ».
ثمّ يرى من
جانبه المنوّر في دوره حول الأرض خطّ دقيق منحني يسمّى ب «الهلال». ثمّ يزيد على
التدريج؛ حتّى إذا وصل في دوره إلى الجانب المقابل يكون نصفه المنوّر بأجمعه
مواجهاً مع الأرض، و يسمّى حينئذٍ ب «البدر».
المقدّمة
الثانية: أنّ كرة الأرض لها حركة انتقالية تحصل منها الفصول الأربعة، و حركة
وضعية تدور حول خطّ المحور المفروض بين قطبيها، يحصل منها الليل و النهار. فكلّ
موضع من الأرض صار في دورها حول محورها مواجهاً للشمس كان نهاراً له، و إذا خرج من
مواجهة الشمس كان ليلًا له.
قد تبيّن
من المقدّمة الاولى: أنّ هلال القمر إنّما يرى عند شروعه في الخروج عمّا بين
كرة الأرض و الشمس، فلا يرى إلّا في موضع من الأرض صار مواجهاً للهلال عند غروب
الشمس عنه، ثمّ تنقطع رؤيته بخروج ذلك الموضع عن مواجهته بحسب حركة الأرض. و كلّ
موضع من الأرض خرج عن مواجهة القمر قبل تولّد الهلال لا يرى فيه الهلال.
و من هنا
ثبتت الضابطة الكلّية: أنّ كلّ بلد رؤي فيه الهلال يلزم منه أن يرى في البلاد
الغربية منه لا محالة بطريق أولى؛ لأنّها تصير مواجهة للهلال بعد تولّده. و لا
يلزم منه أن يرى في البلاد الشرقية من ذلك البلد؛ لعدم استلزام وجود الهلال في