وغاص آخرون
... وتحملوا الاهوال والمشاق .. وصارعوا في الاعماق ما تحمله الاعماق، وطلعوا
بلآلئ ثرة، ولكنها مفردة لا تفي الا بحاجة جمع معين. اما الباقون فهم اناس ملأوا
وجودهم علما ووعيا .. وشقوا عباب البحر وجابوا اعماقه ودرسوه شبرا شبرا، واقاموا
فيه مختبراتهم .. وخرجوا من بعد ذلك .. وعلى نفوسهم بهجة البحر وروعته، وجلال
العلم وسموه وعندهم صيد الساحل، ولؤلؤ الاعماق وفوق ذلك خيرات لا تقدر بثمن ..
وهكذا التاريخ .. حذو القذة بالقذة.
وقف
عليه اناس .. اسميناهم جميعا مؤرخين .. وما فاز بجلال الاسم وقدسيته الحقيقية الا
الواعون، اذ جابوا يطوفون، هدفهم الاسمى .. يشدهم اليه شدا .. ذلك هو الكشف عن
الانسانية السامية التي اشرقت في أي مجال، أو تجسدت في أي شخص.
وبكشفهم
هذا فازوا بكل ما فاز به الآخرون .. وفوق ذلكما يسمو وحده على كل حصيلة ...
الهدف
والقائد
تتطامن
الاهداف وتتصاغر امام الهدف الاعلى للانسانية التي تحملت من اجله كل الوان العذاب،
والمصاعب الجمة .. ذلك هو السعادة البشرية او قل: النظام الاصلح الذي يسعد البشرية
في مختلف مجالات حياتها الاجتماعية، او الذي يمتلك طاقات القيادة نحو هذا الهدف
الكبير.
وكان
سبب الشقاء الوحيد يكمن في ان البشرية لم تستق جوابها في هذا الصدد على هذا
التساؤل الظامئ من منبع الحقيقة ... وانما كانت كابن نوح عليه السلام صعد على جبل
عال ليعصمه من الطوفان و (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)
...