اذن
اللَّه- تعالى- ان ينطلق الانسان في مسيرته المتكاملة مزودا بجوهرة الفكر الغالية،
التي لا تقدر بثمن، والتي يستطيع بها ان يتعدى النطاق المادي المحسوس له- بالخصوص
في لحظة التفكير- ليعلو على هذا الواقع، فيبصره بصورة ادق .. ثم يعمل على تغييره
وتبديله الى الصورة الاكمل .. منتقلا من عالم الفكر التأملي الخالص الى المجالات
العملية البناءة .. مستغلا ما اودع في فطرته، وتركيبه النفسي، والروحي، والجسمي من
طاقات خلاقة، وقوى مبدعة محققا مقتضيات خلافته التي منحها اللَّه تعالى اياه ..
فشرفه بها .. وسما به الى مرتبة قد لا يحلم بها الملائكة المقربون احيانا. وانطلق
في هذه المسيرة وامامه سرج، ومنابع ضوء ..
امامه
الهداية العقلية السالفة، والهداية الفطرية الغريزية تؤطرهما جميعاً، وتسدد
مفعولهما وتنسق عطاءهما مع الواقع .. الهداية الالهية.
وتكون
المجتمع الاول، وامتد شيئا فشيئا .. واتسعت علائقه، وبدرت ظواهره ... ثم بدأ الضعف
يدب قليلا قليلا في اعماقه، ينهش في الفطرة، ويعكر صفوها، ويساعده الجهل، ومهد
لذلك البعد الزمني عن الوحي .. وهكذا وضحت على مسرح الحياة .. مسيرتان: