كأنّ
ذلك كان من مقدّمات الإعداد لحرب المختار أن يلتحق قادة قبائل الكوفة بالبصرة، ولم
يكن ذلك ليخفى على المختار، فاختار أن يرسل رئيس حرسه أبا عمرة كيسان مولى بني
عرينة إلى جوار قرية يقال لها: الكلتانيّة على شاطئ نهر إلى جانب تلّ، لتكون مسلحة
فيما بينه وبين البصرة[1].
وكان
ممّن فرّ شمر بن ذي الجوشن الكلابي بجمع من كلابه معه إلى مصعب بالبصرة، وكان
للمختار غلام (فارسي) يدعى (زرپي- العمود الذهبي) فتبع شمراً طامعاً فيه دون أن
يستشير المختار، فلمّا دنا من جماعة شمر قال لهم شمر: اركضوا وتباعدوا عنّي لعلّ
العبد يطمع فيّ، وأخذ شمر يستطرد له وأقبل هو يسرع به فرسه حتّى إذا انقطع من
أصحابه حمل عليه شمر فدقّ ظهره وقتله، وعاد أصحابه إلى المختار فأخبروه بذلك فقال:
أما لو كان يستشيرني لما أمرته أن يخرج له.
ثمّ
مضى شمر بأصحابه حتّى نزل قرية سانيدما، ثمّ نزل قرب قرية الكلتانيّة وفيها كتب
كتاباً عنوانه: للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن، وأخذ عبداً من
القرية فضربه وحمّله كتابه إلى مصعب بالبصرة، فمرّ به أبو الكنود عبد الرحمن ابن
عبيد فرأى الكتاب مع العبد وعنوانه لمصعب من شمر، فذهب به إلى أبي عمرة كيسان
فسألوه عن مكان شمر فأخبرهم به فإذا هوعلى ثلاثة