نام کتاب : المسائل و الرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة نویسنده : أحمد بن حنبل جلد : 1 صفحه : 183
التعليق:
المشهور
عن الإمام أحمد فى تفسير قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «كل مولود يولد على
الفطرة»[1] أى على ما
كتب له من شقاوة و سعادة[2] و قد نقل
هذا التفسير أيضا عن جملة من العلماء منهم عبد اللّه بن المبارك.
يقول
الحافظ ابن حجر: اختلف السلف فى المراد بالفطرة فى هذا الحديث على أقوال كثيرة، و
حكى أبو عبيد أنه سأل محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة عن ذلك فقال: كان هذا فى أول
الإسلام قبل أن تنزل الفرائض، و قبل الأمر بالجهاد. قال أبو عبيد: كأنه عنى أنه لو
كان يولد على الإسلام فمات قبل أن يهوده أبواه مثلا لم يرثاه، و الواقع فى الحكم
أنهما يرثاه فدل على تغير الحكم و قد تعقبه ابن عبد البر و غيره. و سبب الاشتباه
أنه حمله على أحكام الدنيا.
فلذلك
ادعى فيه النسخ. و الحق أنه إخبار من النبي صلى اللّه عليه و سلم بما وقع فى نفس
الأمر، و لم يرد به إثبات أحكام الدنيا و أشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام.
قال ابن عبد البر: و هو المعروف عند عامة السلف[3].
و
أجمع أهل العلم بالتأويل المراد بقوله تعالى:
فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[4]
الإسلام و احتجوا بقول أبى هريرة فى آخر الحديث اقرءوا إن شئتم
فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها و بحديث
عياض بن حمار عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يرويه عن ربه: «إنى خلقت عبادى
حنفاء كلهم،
[1] - قال الخطابى:« أصل الفطرة ابتداء الخلق و منه قول
اللّه سبحانه: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أى مبتديها.
معالم السنن مع سنن أبى داود: 5/ 88.
[2] - و هذه إحدى الروايتين عنه و هى المشهورة و الأخرى
تفسيره لها بالإسلام كما مر فى رواية الميمونى.
و كما سيذكره ابن حجر فى ثنايا
كلامه هذا.
[3] - قال ابن تيمية: فالصواب أنها فطرة اللّه التى فطر
الناس عليها، و هى فطرة الإسلام، و هى الفطرة التى فطرهم عليها يوم قال أَ لَسْتُ
بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و هى السلامة من الاعتقادات الباطلة و القبول للعقائد
الصحيحة ... و لا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين
للإسلام بالفعل فإن اللّه أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا و لكن سلامة القلب
و قبوله و إرادته للحق الّذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا
مسلما». مجموع الفتاوى: 4/ 245- 247. و انظر: فتح البارى: 8/ 512 فقد جزم البخارى
بأن الفطرة هى الإسلام.