هنالك خفَّ عنه عوّاده، وأسلمه أهله وأولاده، وارتفعت الرنّة والعويل، ويئسوا من برء العليل، غمّضوا بأيديهم عينيه، ومدّوا عند خروج نفسه يديه ورجليه:
فكم موجع يبكي عليه تفجّعاً
ومستنجد صبراً وما هو صابر
ومسترجع داع له الله مخلصاً
يعدّد منه كلّ ما هو ذاكر
وكم شامت مستبشر بوفاته
وعمّا قليل للذي صار صائر
شقّت جيوبها نساؤه، ولطمت خدودها إماؤه، وأعول لفقده جيرانه، وتوجّع لرزيّته إخوانه، ثمّ أقبلوا على جهازه، وتشمّروا (32) لإبرازه:
وظلّ أحبّ القوم كان بقربه
يحثّ على تجهيزه ويبادر
وشمّر من قد احضروه لغسله
ووجّه لمّا قام للقبر حافر
وكفّن في ثوبين واجتمعت له
مشيعة إخوانه والعشائر