كم غرّت من مخلّد إليها، وصرعت من مكبّ (28) عليها، فلم تنعشه (29) من صرعته، ولم تقله من عثرته، ولم تداوه من سقمه، ولم تشفه من ألمه!
بلى أوردته بعد عزّ ومنعة
موارد سوء ما لهنّ مصادر
فلما رأى أن لا نجاة وأنه
هو الموت لا ينجيه منه التحاذر
تندّم إذ لم تغن عنه ندامة
عليه وأبكته الذنوب الكبائر
بكى على ما أسلف من خطاياه، وتحسّر على ما خلّف من دنياه، حيث لا ينفعه الاستعبار، ولا ينجيه الاعتذار، من هول المنيّة، ونزول البليّة!
أحاطت به أحزانه وهمومه
وأبلس لمّا أعجزته المعاذر
فليس له من كربة الموت فارج
وليس له مما يحاذر ناصر
وقد جشأت (30) خوف المنيّة نفسه
تردّدها منه اللهاة والحناجر