يملكها، بل مكشوفة بلوازمها و نعوتها
اللازمة و لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون فافهم ذلك.
و هذا هو الذي يهدي إليه كلامه عزّ اسمه
كقوله تعالى: لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ
(الأنبياء/23 و قوله: لَهُ اَلْحَمْدُ فِي اَلْأُولىٰ وَ اَلْآخِرَةِ وَ
لَهُ اَلْحُكْمُ (القصص/70 و قوله: وَ يَفْعَلُ اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ
(إبراهيم/27 و قوله:
وَ اَللّٰهُ يَحْكُمُ لاٰ
مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ (الرعد/4 و لو كان فعله تعالى كأفعالنا العقلائية لكان لحكمه
معقّب إلاّ أن يعتضد بمصلحة محسّنة و لم يكن له ليفعل ما يشاء بل ما تشير إليه
المصلحة المقارنة. 1
خطأ الأشاعرة و المعتزلة
و قد اتّضح ممّا تقدم خطأ الأشاعرة و
المعتزلة في مسألة الحسن و القبح بالقياس إلى أفعاله تعالى، فأخذوا في ذلك جانب
الإفراط و التفريط، فطائفة المفوّضة (المعتزلة) أثبتوا مصالح و مفاسد نفس أمرية و
حسنا و قبحا واقعيّين هي ثابتة ثبوتا أزليا أبديا غير متغيّر و لا متبدّل و هي
حاكمة على اللّه سبحانه بالإيجاب و التحريم، مؤثرة في أفعاله تكوينا و تشريعا
بالحظر و الترخيص، فأخرجوه تعالى عن سلطانه و أبطلوا إطلاق ملكه، و نفت طائفة
المجبرة ذلك كلّه، و أصرّت على أنّ الحسن في الشيء إنّما هو تعلّق الأمر به، و
القبح تعلّق النهي به، و لا غرض و لا غاية في تكوين و لا تشريع، و أنّ الإنسان لا
يملك من فعله شيئا و لا قدرة قبل الفعل عليه، كما أنّ الطائفة الأولى ذهبت إلى أنّ
الفعل مخلوق للإنسان و أنّ اللّه سبحانه لا يملك من فعل الإنسان شيئا و لا تتعلّق
به قدرته.
و القولان-كما ترى-إفراط و تفريط فلا
هذا و لا ذاك 2بل مطلق علومنا