و قال ابن تيمية-ردّا على العدلية-:
فجعلوا يوجبون على اللّه سبحانه ما يوجبون على العبد، و يحرّمون عليه من جنس ما
يحرمون على العبد و يسمّون ذلك:
العدل و الحكمة» . 2
و قد يستدلّ على إبطال نظرية الوجوب على
اللّه بقوله سبحانه: لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ
يُسْئَلُونَ (الأنبياء/23 و مسألة الوجوب على اللّه و إن انطرحت في كتب الكلام في
فصل خاص، لكنّها في الحقيقة من متفرعات قاعدة الحسن و القبح العقلي و لو تمّ كلام
الأشاعرة فيها لكان نقضا على القاعدة فينبغي أن نبسط الكلام فيها فنقول: تحقيق
البحث في هذا المجال يطلب الكلام في مقامات ثلاثة:
الأوّل: ما هو معنى الوجوب على اللّه؟
ليس معنى الوجوب في مصطلح المتكلّمين في
هذا المقام معناه في مصطلح الفقهاء، أي طلب الفعل مع المنع من الترك، أو إنشاء
البعث نحو الفعل، أو غير ذلك من التعابير عندهم، و الجميع يرجع إلى نوع ولاية من
الآمر بالنسبة إلى المأمور، فالآمر وليّ، و المأمور متولّى عليه، و لا أظن عاقلا
يخطر بباله هذا المعنى من الوجوب فيما يقال: يجب على اللّه كذا و كذا، بل الوجوب
في اصطلاح المتكلّمين في مسألة الوجوب على اللّه و نحوها هو حسن الفعل و ملائمته
لكمال فاعله في الأوصاف الكمالية، و بعبارة أخرى، يريدون الملازمة القطعية بين
الكمال في مرحلة الذات و الصفات الذاتية و بين الكمال في مرحلة الفعل، و إنّما
يعبّرون عنها بلفظ الوجوب، و هذا اصطلاح عندهم.