يلاحظ عليه: أنّه إن أراد بالداعي علم
الفاعل بما في فعله من الخير و النفع، أو الاشتياق الناشئ منه فهما لا يستتبعان
حتمية الفعل و وجوبه، و إن أراد به عزم الفاعل على الفعل و إرادته عليه فهما
متفرّعان على اختيار الفاعل إيقاع الفعل، و هذا الاختيار وصف مقوّم لجوهر النفس
الناطقة و ذاتي لها، و الإرادة أداة لها لإيقاع الحركات العضوية و إيجاد الأفعال
الجوارحية، و على هذا، الإرادة و ان تجعل الفعل المراد محتوما، لكنّها متأخّرة عن
الاختيار، نابعة عنه، فلا تنافيه، فليس الإنسان مجبورا في أفعاله الإرادية، و إلى
ما ذكرنا أشار المحقّق الطوسي في تجريده بقوله:
«و الجبر باطل» .
ثمّ إنّ لازم هذا الاحتجاج إنكار القبح
مطلقا، لا القبح العقلي فقط، و هذا ينافي ضرورة التشريع و التكليف، قال الإمام علي
عليه السّلام: «لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهي و الزجر، و
لسقط معنى الوعد و الوعيد، و لم يكن على مسيء لائمة، و لا لمحسن محمدة» . 1
3. الكذب قد يحسن
قال الرازي: «إنّ الكذب قد يحسن إذا
تضمّن تخليص نبيّ من ظالم.
لا يقال: الحسن هناك التعريض لا الكذب،
أو نقول: الكذبية تقتضي القبح لكنّه قد يتخلّف الأثر عن المقتضى لمانع.
لأنّا نجيب عن الأوّل: بأنّه على هذا
التقدير لا يبقى كذب في العالم، لأنّه لا كذب إلاّ و متى أضمر فيه شيء صار صدقا. و
عن الثاني: أنّه حينئذ لا يمكننا القطع بقبح شيء من الكذب، لاحتمال أن يتخلف الحكم
هناك لقيام مانع لا يطّلع عليه أحد» . 2
[1] التوحيد للصدوق، الباب 60(القضاء و
القدر) الحديث 28.