احتجّت الأشاعرة على إنكار الحسن و
القبح العقلي بوجوه نبحث عنها في هذا الفصل:
1. تكليف ما لا يطاق ليس بقبيح
قال الرازي: «إنّ من ضرورة النزاع قبح
تكليف ما لا يطاق، فنقول: لو كان قبيحا لما فعله اللّه تعالى، و قد فعله، بدليل
أنّه كلّف الكافر بالإيمان مع علمه بأنّه لا يؤمن، و علمه بأنّه متى كان كذلك كان
الإيمان منه محالا، و لأنّه كلّف أبا لهب بالإيمان، و من الإيمان تصديق اللّه
تعالى في كل ما أخبر عنه، و ممّا أخبر عنه أنّه لا يؤمن، فقد كلّفه بأن يؤمن و بأن
لا يؤمن و تكليف الجمع بين الضدّين» . 1
استدلّ الرازي بوقوع تكليف ما لا يطاق
بموردين: أحدهما تكليف الكافر، و ثانيهما تكليف أبي لهب، و الحقّ أنّ أيّا منهما
ليس من قبيل تكليف ما لا يطاق.
و إليك البيان:
أمّا الكافر فإن كان ذا عقل و فكرة و لم
يكن مجنونا أو سفيها بحيث يتمكّن من التدبّر في آيات اللّه، فكان قادرا على
الإيمان و مكلّفا به، و إلاّ فليس بمكلّف أصلا، و أوضح شاهد على قدرة الكفّار على
الإيمان، هو إيمان طائفة منهم