و قد اتّفق أهل العلم على كونهما
عقليّين بالمعنيين المذكورين، و قد يراد بالحسن ما يستحقّ عليه المدح في العاجل و
الثواب في الآجل، و بالقبيح ما يستحقّ عليه الذم في العاجل و العقاب في الآجل و قد
اختلف في ذلك:
فقالت الفلاسفة: ذلك معلوم بالعقل
العملي، و قالت الأشاعرة: ذلك معلوم بالشرع لا غير، و قال أهل العدل-و هم المعتزلة
و الإمامية-: إنّ العقل يحكم بذلك، و قسّموا الأفعال إلى ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما لا يستقلّ العقل بدركه حسنا
و لا قبحا، و ذلك كصوم آخر رمضان و أوّل شوال.
الثاني: ما يستقلّ العقل بدركه ضرورة «و
ذلك كالعلم بحسن الصدق النافع و الإنصاف و شكر المنعم، و قبح الظلم و الفساد و
تكليف ما لا يطاق.
الثالث: ما يستقلّ العقل بدركه نظرا، و
ذلك كالحكم بحسن الصدق الضارّ و قبح الكذب النافع» . 1
ثمّ إنّ في عدّ الحسن و القبح فيما
يلائم الطبع (الغريزة الحيوانية) أو لا يلائمه من الحسن و القبح العقليين مسامحة
ظاهرة، إذ الملائمة و المنافرة إنّما يستلزمان الحب و البغض و التحسين و التقبيح
الطبيعيين، لا العقليين. 2
هل الثواب و العقاب داخلان في محل
النزاع؟
اختلفوا في أنّ الثّواب و العقاب داخلان
في محل النزاع أو لا؟ المستفاد من أكثر عباراتهم هو الأوّل، يشهد بذلك ما نقلناه
آنفا من الأقوال في تحرير محل النزاع، و هذا أيضا مختار ثلّة من المحقّقين منهم
الحكيم اللاهيجي حيث قال: «لا